وفؤاد كلما عاتبته * في مدى الهجران يبغى تعبي لا أراه الدهر إلا لاهيا * في تماديه فقد برح بي يا قرين السوء ما هذا الصبا * فنى العمر كذا في اللعب وشباب بان عنى فمضى * قبل أن أقضى منه أربى ما أرجى بعده إلا الفنا * ضيق الشيب على مطلبي ويح نفسي لا أراها أبدا * في جميل لا ولا في أدب نفس لا كنت ولا كان الهوى * راقبي المولى وخافي وارهبى قال فقال عمر رضى الله تعالى عنه نفس لا كنت ولا كان الهوى * راقبي المولى وخافي وارهبى ثم قال عمر على هذا فليغن من غنى فتأملوا قوله بلغني عنك أمر ساءني مع قوله أتتمجن في عبادتك فهو من أشد ما يكون في الإنكار حتى أعلمه أنه يردد لسانه أبيات حكمة فيها موعظة فحينئذ أقره وسلم له هذا وما أشبهه كان فعل القوم وهم مع ذلك لم يقتصروا في التنشيط للنفوس ولا الوعظ على مجرد الشعر بل وعظوا أنفسهم بكل موعظة ولا كانوا يستحضرون لذكر الأشعار المغنين إذ لم يكن ذلك من طلباتهم ولا كان عندهم من الغناء المستعمل في أزماننا شئ وإنما دخل في الإسلام بعدهم حين خالط العجم المسلمين وقد بين ذلك أبو الحسن القرافي فقال أي الماضين من الصدر الأول حجة على من بعدهم ولم يكونوا يلحنون الاشعار ولا ينغمونها بأحسن ما يكون من النغم إلا من وجه إرسال الشعر واتصال القوافي فإن كان صوت أحدهم أشجن من صاحبه كان ذلك مردودا إلى أصل الخلقة لا يتصنعون ولا يتكلفون هذا ما قال فلذلك نص العلماء على كراهية ذلك المحدث . وحتى سئل مالك بن أنس رضى الله عنه عن الغناء الذي يستعمله أهل المدينة فقال إنما يفعله الفساق ولكن المتقدمون أيضا يعدون الغناء جزءا من أجزاء طريقة التعبد وطلب رقة النفوس وخشوع القلوب حتى يقصدونه قصدا ويتعمدون الليالي الفاضلة فيجتمعون لأجل