وعدم ضم أطرافه بعضها لبعض فإن مأخذ الأدلة عند الأئمة الراسخين إنما هو على أن تؤخذ الشريعة كالصورة الواحدة بحسب ما ثبت من كلياتها وجزئياتها المرتبة عليها وعامها المرتب على خاصها ومطلقها المحمول على مقيدها ومجملها المفسر ببينها إلى ما سوى ذلك من مناحيها فإذا حصل للناظر من جملتها حكم من الأحكام فذلك الذي نظمت به حين استنبطت وما مثلها إلا مثل الإنسان الصحيح السوي فكما أن الإنسان لا يكون إنسانا حتى يستنطق فلا ينطق باليد وحدها ولا بالرجل وحدها ولا بالرأس وحده ولا باللسان وحده بل بجملته التي سمى بها إنسانا كذلك الشريعة لا يطلب منها الحكم على حقيقة الاستنباط إلا بجملتها لا من دليل منها أي دليل كان وإن ظهر لبادي الرأي نطق ذلك الدليل فإنما هو توهمي لا حقيقي كاليد إذا استنطقت فإنما تنطق توهما لا حقيقة من حيث علمت أنها يد إنسان لا من حيث هي إنسان لأنه محال فشأن الراسخين تصور الشريعة صورة واحدة يخدم بعضها بعضا كأعضاء الإنسان إذا صورت صورة مثمرة وشأن متبعي المتشابهات أخذ دليل ما أي دليل كان عفوا وأخذا أوليا وإن كان ثم ما يعارضه من كلى أو جزئي فكأن العضو الواحد لا يعطى في مفهوم أحكام الشريعة حكما حقيقيا فمتبعه متبع متشابه ولا يتبعه إلا من في قلبه زيغ ما شهد الله به « ومن أصدق من الله قيلا » فصل وعند ذلك نقول : من اتباع المتشابهات الأخذ بالمطلقات قبل النظر في مقيداتها وبالعمومات من غير تأمل - هل لها مخصصات أم لا وكذلك العكس بأن يكون النص مقيدا فيطلق أو خاصا فيعم بالرأي من غير دليل سواه . فإن هذا المسلك رمي في عماية واتباع للهوى في الدليل وذلك أن المطلق المنصوص على تقييده مشتبه إذا لم يقيد فإذا قيد صار واضحا كما أن إطلاق المقيد رأى في ذلك المقيد معارض للنص من غير دليل . فمثال الأول أن الشريعة قد ورد طلبها على المكلفين على الإطلاق والعموم ولا