ومحرم وبسط ذلك القرافي بسطا شافيا واصل ما أتى به من ذلك شيخه عز الدين بن عبد السلام وها أنا أتى به على نصه فقال اعلم ان الأصحاب فيما رأيت متفقون على انكار البدع نص على ذلك ابن أبي زيد وغيره والحق التفصيل وانها خمسة اقسام قسم واجب وهو ما تناولته قواعد الوجوب وأدلته من الشرع كتدوين القرآن والشرائع إذ خيف عليها الضياع وان التبليغ لمن بعدنا من القرون واجب اجماعا واهمال ذلك حرام اجماعا فمثل هذا النوع لا ينبغي أن يختلف في وجوبه القسم الثاني المحرم وهو كل بدعه تناولتها قواعد التحريم وأدلته من الشريعة كالمكوس والمحدثات من المظالم والمحدثات المنافية لقواعد الشريعة كتقديم الجهال على العلماء وتولية المناصب الشرعية من لا يصلح بطريق التوريث وجعل المستند في ذلك كون المنصب كان لأبيه وهو في نفسه ليس بأهل القسم الثالث ان من البدع ما هو مندوب إليه وهو ما تناولته قواعد الندب وأدلته كصلاة التراويح وإقامة صور الأئمة والقضاة وولاة الأمور على خلاف ما كان عليه الصحابة رضوان الله عليهم بسبب أن المصالح والمقاصد الشرعية لا تحصل الا بعظمة الولاة في نفوس الناس وكان الناس في زمن الصحابة رضي الله عنهم معظم تعظيمهم انما هو بالدين وسبق الهجرة ثم اختل النظام وذهب ذلك القرن وحدث قرن آخر لا يعظمون الا بالصور فتعين تفخيم الصور حتى تحصل المصالح وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأكل خبز الشعير والملح ويفرض لعامله نصف شاة كل يوم لعلمه بأن الحالة التي هو عليها لو عملها غيره لهان في نفوس الناس ولم يحترموه وتجاسروا عليه بالمخالفة فاحتاج إلى أن يضع غيره في صورة أخرى تحفظ النظام ولذلك لما قدم الشام وجد معاوية بن أبي سفيان قد اتخذ الحجاب واتخذ المراكب النفيسة والثياب الهائلة العلية وسلك ما سلكه الملوك فسأله عن ذلك فقال إنا بأرض نحن فيها محتاجون لهذا فقال له لا آمرك ولا أنهاك ومعناه أنت اعلم بحالك هل أنت محتاج إليه فدل ذلك من عمر وغيره على أن أحوال الأئمة وولاة الأمور