وإنما كره المتقدمون كتب العلم لأمر آخر لا لكونه بدعة فكل من سمى كتب العلم بدعة فإما متجوز واما غير عارف بوضع لفظ البدعة فلا يصح الاستدلال بهذه الأشياء على صحة العمل بالبدع وان تعلق بما ورد من الخلاف في المصالح المرسلة وان البناء عليها غير صحيح عند جماعة من الأصوليين فالحجة عليهم اجماع الصحابة على المصحف والرجوع إليه وإذا ثبت اعتبارها في صوره ثبت اعتبارها مطلقا ولا يبقى بين المختلفين نزاع الا في الفروع وفي الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فأعطى الحديث كما ترى ان ما سنه الخلفاء الراشدون لاحق بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ما سنوه لا يعدو أحد أمرين اما أن يكون مقصودا بدليل شرعي فذلك سنة لا بدعة واما بغير دليل ومعاذ الله من ذلك ولكن هذا الحديث دليل على اثباته سنة إذ قد أثبته كذلك صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم فدليله من الشرع ثابت فليس ببدعة ولذلك أردف اتباعهم بالنهي عن البدع باطلاق ولو كان عملهم ذلك بدعة لوقع في الحديث التدافع وبذلك يجاب عن مسألة قتل الجماعة بالواحد لأنه منقول عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو أحد الخلفاء الراشدين وتضمين الصناع وهو منقول عن الخلفاء الأربعة رضي الله عنهم واما ما يروى عن عمر بن عبد العزيز فلم أره ثابتا من طريق صحيح وان سلم فراجع إما لأصل المصالح المرسلة ان لم نقل ان أصله قصة البقرة وان ثبت ان المصالح المرسلة مقول بها عند السلف مع أن القائلين بها يذمون البدع وأهلها ويتبرأون منهم دل على أن البدع مباينة لها وليست منها في شيء ولهذه المسألة باب تذكر فيه . فصل ومما يورد في هذا الموضع ان العلماء قسموا البدع بأقسام احكام الشريعة الخمسة ولم يعدوها قسما واحدا مذموما فجعلوا منها ما هو واجب ومندوب ومباح ومكروه