لانقداحها في قلبه فهو مثل الأول وان لم يصر إلى تلك الحال ولكنه تمكن حب المذهب من قلبه حتى عادى عليه ووالى وصاحب هذا القسم لا يخلو من استدلال ولو على أعم ما يكون فقد يلحق بمن نظر في الشبهة وإن كان عاميا لأنه عرض للاستدلال وهو عالم أنه لا يعرف النظر ولا ما ينظر فيه ومع ذلك فلا يبلغ من استدلال بالدليل الجملي مبلغ من استدل على التفصيل وفرق بينهما في التمثيل ان الأول أخذ شبهات مبتدعة فوقف وراءها حتى إذا طولب فيها بالجريان على مقتضى العلم تبلد وانقطع أو خرج إلى مالا يعقل واما الثاني فحسن الظن بصاحب البدعة فتبعه ولم يكن له دليل على التفصيل يتعلق به الا تحسين الظن بالمبتدع خاصه وهذا القسم في العوام كثير فمثال الأول حال حمدان بن قرمط المنسوب إليه القرامطة إذ كان أحد دعاة الباطنية فاستجاب له جماعة نسبوا إليه وكان رجلا من أهل الكوفة مائلا إلى الزهد فصادفه أحد دعاة الباطنية وهو متوجه إلى قريته وبين يديه بقر يسوقه فقال له حمدان وهو لا يعرف حاله أراك سافرت عن موضع بعيد فأين مقصدك فذكر موضعا هو قرية حمدان فقال له حمدان اركب بقرة من هذا البقر لتستريح به عن تعب المشي فلما رآه مائلا إلى الديانة أتاه من ذلك الباب وقال إني لم أومن بل أومر بذلك فقال له وكأنك لا تعمل الا بأمر فقال نعم فقال حمدان وبأمر من تعمل قال بأمر مالكي ومالكك ومن له الدنيا والآخرة قال ذلك هو رب العالمين قال صدقت ولكن الله يهب ملكه من يشاء قال وما غرضك في البقعة التي أنت متوجه إليها قال أمرت ان ادعوا أهلها من الجهل إلى العلم ومن الضلال إلى الهدى ومن الشقاوة إلى السعادة . وان أستنقذهم من ورطات الذل والفقر وأملكهم بما يستغنون به عن الكد والتعب فقال له حمدان أنقذني أنقذك الله وأفض على من العلم ما تحييني به فما أشد احتياجي لمثل ما ذكرت فقال له وما أمرت ان اخرج السر المكنون إلى كل أحد الا بعد الثقة به والعهد إليه فقال فما عهدك فاذكره فإني ملتزم له . فقال إن تجعل لي وللإمام عهد الله على نفسك وميثاقك الا تخرج سر الإمام الذي ألقيه إليك ولا تفشي سري أيضا فالتزم حمدان عهده ثم اندفع الداعي في تعليمه فنون جهله حتى استدرجه