الرئاسة آخر ما يخرج من قلوب الصديقين فكيف إذا انضاف إليه الهوى من أصل وانضاف إلى هذين الأمرين دليل في ظنه شرعي على صحة ما ذهب إليه فيمكن الهوى من قلبه تمكنا لا يمكن في العادة الانفكاك عنه وجرى منه مجرى الكلب من صاحبه كما جاء في حديث الفرق فهذا النوع ظاهر أنه آثم في ابتداعه إثم من سن سنة سيئة ومن أمثلته ان الإمامية من الشيعة تذهب إلى وضع خليفة دون النبي صلى الله عليه وسلم وتزعم أنه مثل النبي صلى الله عليه وسلم في العصمة بناء على أهل لهم متوهم فوضعوه على أن الشريعة أبدا مفتقرة إلى شرح وبيان لجميع المكلفين اما بالمشافهة أو بالنقل ممن شافه المعصوم وانما وضعوا ذلك بحسب ما ظهر لهم بادي الرأي من غير دليل عقلي ولا نقلي بل بشبهة زعموا أنها عقلية وشبه من النقل باطلة اما في أصلها واما في تحقيق مناطها وتحقيق ما يدعون وما يرد عليهم به مذكور في كتب الأئمة وهو يرجع في الحقيقة إلى دعاو وإذا طولبوا بالدليل عليها سقط في أيديهم إذ لا برهان لهم من جهة من الجهات وأقوى شبههم مسألة اختلاف الأمة وانه لا بد من واحد يرتفع به الخلاف لأن الله يقول « ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك » ولا يكون كذلك إلا إذا أعطى العصمة كما أعطيها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه وارث وإلا فكل محق أو مبطل يدعى أنه المرحوم وانه الذي وصل إلى الحق دون من سواه فان طولبوا بالدليل على العصمة لم يأتوا بشيء غير أن لهم مذهبا يخفونه ولا يظهرونه الا لخواصهم لأنه كفر محض ودعوى بغير برهان قال ابن العربي في كتاب العواصم خرجت من بلادي على الفطرة فلم ألق في طريقي الا مهتديا حتى بلغت هذه الطائفة يعني الإمامية والباطنية من فرق الشيعة فهي أول بدعة لقيت ولو فجأتني بدعة مشبهة كالقول بالمخلوق أو نفي الصفات أو الارجاء لم آمن الشيطان فلما رأيت حماقاتهم أقمت على حذر وترددت فيها على أقوام أهل عقائد سليمة ولبثت بينهم ثمانية اشهر ثم خرجت إلى الشام فوردت بيت المقدس فألفيت فيها ثماني وعشرين حلقة ومدرستين مدرسة الشافعية بباب الأسباط وأخرى للحنفية وكان فيها من رؤوس العلماء ورؤوس المبتدعة ومن أحبار اليهود والنصارى كثير فوعيت العلم وناظرت كل طائفة بحضرة شيخنا أبي بكر الفهري وغيره من أهل السنة .