أبو الهذيل سائلا فقال : " من أين قلت أن الصفة ليست الموصوف ولا غيره " . قال هشام : " من قبل أنه يستحيل أن يكون فعلي أنا ، ويستحيل أن يكون غيري ، لأنه إنما أوقعه على الأجسام والأعيان القائمة بنفسها ، فلما لم يكن فعلي قائما بنفسه ، ولم يجز أن يكون فعلي أنا وجب أنه لا أنا ولا غيري " . وعلة أخرى أنت قائل بها يا أبا الهذيل : " إن الحركة ليست مماسة ولا مباينة ، لأنها عندك مما لا يجوز المماسة والمباينة " . فلذلك قلت أن الصفة ليست أنا ولا غيري ، وعلتي في أنها ليست أنا ولا غيري علتك في أنها لا تماس ولا تباين فانقطع أبو الهذيل ولم يرد جوابا [1] . وما ندري هل كان هشام يذهب في الحركة إلى عكس ما يذهب إليه أبو الهذيل في أنها لا تماس ولا تباين ، كما يظهر من هذه المحاورة بينهما ، أم أن هذا الحوار كأكثر المحاورات بينهم ، كان الدافع لها هو التعرف على ما عند الخصم من حجة ودليل . ( 6 ) : حقيقة الإنسان كثرت أقوال الفلاسفة والمتكلمين حول حقيقة الإنسان ، فأكثر المعتزلة يرون أن الإنسان هو نفس هذا الهيكل المشاهد المحسوس في جملته ( 2 ) . ومنهم أبو الهذيل وأن الفعل للانسان كله ( 3 ) وأن التسمية تقع على الجسد دون النفس ( 4 ) وهي عنده
[1] مروج الذهب ج 4 ص 104 ط 3 سنة 1377 ه - 1958 بتحقيق محمد يحيى عبد الحميد . ( 2 ) كشف الفوائد ص 179 . ( 3 ) الفصل ج 5 ص 41 و 47 . ( 4 ) مقالات ص 329 .