فقول الشيعة في البداء كما يوضحه المرتضى هو بعينه النسخ عند المعتزلة وهو رفع الأعيان . وخلاصة ما تدل عليه كلماتهم في البداء أنهم يريدون به حصول أمر لم يكن في الحسبان ، فإذا كان هناك أمر مترقب الوقوع ومحتسب أن يكون ، ثم كان على خلاف ما هو في الحسبان وعلى خلاف الظن الغالب ، فهو معنى البداء الذي يريده الشيعة . وهو ذو جانبين جانب من نحو الله سبحانه فيكون إظهارا ، وجانب آخر من قبل الناس فيكون ظهورا ، فأذن هو إظهار من الله لشئ لم نكن نتوقعه ، أو كنا نتوقع خلافه ، وهو ظهور لأنا لم نعلم بذلك أولا . وقد شنع على الشيعة خصومهم بقولهم بالبداء ، وهم حين شنعوا به عليهم فهموا من البداء معنى لم يقصده الشيعة ولا أئمتهم ، إنهم فهموا منه معناه اللغوي وهو تعقب الرأي والانتقال من عزيمة إلى عزيمة ، ولازمه حدوث علم الله ، ويلزمه كذلك الجهل بذلك الشئ الذي بدا فيه غير ما بدا له أولا تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا . وإنما أطلق الشيعة اسم البداء على ما ذكرناه تجوزا واستعارة ، كما يطلق عليه تعالى الرضا والغضب والكراهة والحب وأمثال ذلك مجازا لا حقيقة لامتناع ذلك في حقه ، وإنما أطلق الشيعة ذلك تبعا لنصوص وردت عن أهل البيت عليهم السلام . وهشام يقصد بالبداء ما يقصده جمهور الشيعة من غير فرق .