وجناته فترقّ قلوب الحاضرين ، وتتعالى آهاتهم وصرخاتهم من صميم أعماقهم . وبصورة كلّية يبلغ بهم الأمر أن يضربوا رؤوسهم ووجوههم ويحدث في المجلس اضطراباً شديداً ، يفقد الحاضرين الاختيار والسيطرة على أنفسهم . كما أنّ مواعظه كانت تأخذ طابع المواجهة مع الانحراف والمنحرفين ، والتهجّم على الملحدين ، ومواجهة الكفّار والزنادقة . متحصّناً بشعار " لا يخاف في الله لومة لائم " فكان يجادلهم ويناقشهم بالأدلّة ولا يتسامح ولا يتساهل عن إرشادهم ويدعوهم إلى الله والتوحيد ومذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) حتّى كان يتعجّب من صلابته الحاضرون . وكذا قام بمواجهة البهائية الّتي شاعت في فلسطين والشام آنذاك ، وخرج لمواجهتهم بيد جذّاء ، واستجوبهم ونصحهم وأرشدهم حتّى أفلت . كتبه ومصنّفاته : كما بيّنّا سابقاً أنّ همّة المرحوم هي تبليغ الدين بجدّ وحزم وإرشاد الناس بحقّ إلى الله تعالى ، فكان يستعين في سبيل ذلك بأيّ وسيلة ممكنة ومن دون وقفة وتأمّل أو خوف وتساهل ، فكان يخطو خطوات راسخة بأنحاء أُخرى . فكان إذا لم يغن الوعظ والإرشاد ، ويرى الحاجة إلى التأليف وكتابة الكتب والمقالات يبادر إلى ذلك بهمّة عالية وعزم راسخ ، فيقضي الساعات العديدة والأوقات الطويلة في تأليف الكتب وكتابتها ، وينتخب المكان الهادئ البعيد عن الآخرين . فكانت تأتي مؤلّفاته الثمينة وكتبه القيّمة خالية عن التعقيد والالتواء حتّى أنّ سلاسة كلماته وروعتها ذائعة على الألسن وهي تستقطب الجميع وتستلهم كلّ قارئ . ويتحتّم أن يكون كذلك ، لأنّ تلك الكتب صيغت على أساس الإخلاص التامّ ، والصفاء الكامل والعزم الراسخ ، وعذوبة القلم وحسن الخطّ والعمق المطلوب والحاجة الماسّة إليها ، فكانت عامّة كتبه تدور حول المواضيع الّتي يحتاج الناس إليها ، وكان لها اليد الطولى في سوق الناس إلى جادّة العدل والتوحيد ، ملحوظ فيها جانب التشويق والترهيب على الدوام .