وكان يتعمّد الأذان بصوت عال وبلسان عربي رقيق ومحزون ، صارفاً بنظره إلى عالم الملكوت ، ولم يترك ذلك إلى آخر عمره الشريف . وكان يأتي بجميع مقدّمات الصلاة المستحبّة بحال إنابة وأنين يسرق القلوب . وكان يناجي ربّه في صلاته بكلّ خضوع وخشوع لا حائل بينه وبين ربّه ويناديه من أعماق روحه . ولا يعلم إلاّ الله مدى تأثير صلواته في أعماق روح المأمومين والسامعين ومقدار التذاذهم برؤيته على تلك الحال . وطالما تجري دموعه حال القنوت والدعاء ممّا يزيد في خشوعه وخضوعه . بكاؤه وحزنه : وبصورة كلّية كان لذلك العالم النحرير عين باكية ، ودمعة ساكبة ، تجري دموعه كاللآلي المسلوكة بأدنى توجّه إلى الله ، كما تجري دموعه بذكر أولياء الله تعالى ، وبالأخصّ عند ذكر مصائبهم ، ويقول بعض علماء عائلته : إنّه كان من البكّائين في عصره . وأروع من ذلك وقوفه لصلاة الليل ، تراه يشتغل بالبكاء والدعاء والأنين والحنين عدّة ساعات ، وهذا على الدوام والاستمرار مع الدعاء الطويل والصفاء المحيي للقلب ، والمقوّي للروح . فقد كنت أنظر إليه حال قيامه بالليل ، وكان طول دعائه واستكانته يبدو عندي عجيباً على رغم صغر سنّي ونشوة طفولتي ، ولم أجد شبيهاً لها بعد ذلك . كما ينقل أنّ جدّنا الأعلى السيّد إبراهيم اللواساني أعلى الله مقامه كان يقرأ في كلّ ليلة في صلاة الليل دعاء أبي حمزة الطويل على ظهر الخاطر . اهتمامه بالدعاء : إنّ توجّهه وقراءته للأدعية المأثورة عن الأئمّة ( عليهم السلام ) دعاه إلى حفظ أكثرها على ظهر الخاطر ، وكان يديم قراءة دعاء كميل ، ودعاء الصباح ، ودعاء السمات ، وزيارة عاشوراء في كلّ صباح ومساء ( المعروفة وغير المعروفة ) وكذا كثير من