علي عليه السلام ، فتعين حملها على أبي بكر . وإنما لم يمكن حملها على علي عليه السلام ، لأنه قال عقيب صفة هذا الأتقى : ( وما لأحد عنده من نعمة تجزى ) وهذا الوصف لا يصدق على علي عليه السلام ، لأنه كان في تربية النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، لأنه أخذه من أبيه فكان يطعمه ويسقيه ويكسوه ويربيه ، فكان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم منعما عليه نعمة يجب جزاؤها . أما أبو بكر فلم يكن للنبي صلى الله عليه وآله وسلم عليه نعمة دنيوية ، بل أبو بكر كان ينفق على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ، وإنما كان للرسول صلى الله عليه وآله وسلم نعمة الهداية والإرشاد إلى الدين ، وهذه نعمة لا تجزى لقوله تعالى : ( لا أسألكم عليه أجرا ) [121] والمذكور ها هنا مطلق النعمة ، بل نعمة تجزى ، فعلم أن هذه الآية لا تصلح لعلي عليه السلام . وإذا ثبت أن المراد بهذه الآية من كان أفضل الخلق ، وثبت أن ذلك الأفضل من الآية إما أبو بكر وإما علي عليه السلام ، وثبت أن الآية غير صالحة لعلي عليه السلام ، تعين حملها على أبي بكر ، وثبت دلالة الآية أيضا على أن أبا بكر أفضل الأمة . انتهى . أقول : لا يخفى أن الرازي بنى برهانه على مقدمات فاسدة ، ومعلوم بالضرورة أن ما يبنى على الفاسد فاسد لا محالة ، ولذا قال الآلوسي [122] : إنه أتى بما لا يخلو عن قيل وقال .
[121] سورة الأنعام 6 : 90 ، سورة هود 11 : 51 ، سورة الشورى 42 : 23 . [122] روح المعاني 30 / 153 .