لأهون علي ( من غصة ) من غصص الموت ، وتسعين [1] ضربة بالسيف أهون ( علي ) من نزعة من نزعات الموت ، فقال سلمان : ما كان حالك في دار الدنيا ؟ قال : إعلم أني كنت في دار الدنيا ممن ألهمني الله تعالى الخير ( والعمل به ) ، وكنت أؤدي فرائضه [2] وأتلو كتابه ، و ( كنت ) أحرص في بر الوالدين وأجتنب ( الحرام و ) المحارم وانزع من المظالم ، واكد الليل والنهار في طلب الحلال خوفا من وقفة السؤال ، فبينا أنا في ألذ العيش وغبطة وفرح وسرور ، إذ مرضت وبقيت في مرضي أياما ، حتى انقضت [3] من الدنيا مدتي وقربت [4] موتي ، فأتاني عند ذلك شخص عظيم الخلفة فظيع المنظر ، فوقف مقابل وجهي ، لا إلى السماء صاعدا ولا إلى الأرض نازلا ، فأشار إلى بصري فأعماه ، وإلى سمعي فأصمه وإلى لساني فأخرسه ( 3 ) ، فصرت لا أبصر ولا أسمع ( ولا أنطق ) ، فعند ذلك بكوا ( 4 ) أهلي وأعواني ( 5 ) ، وظهر خبري إلى إخواني وجيراني ، فقلت له عند ذلك : من أنت يا هذا الذي أشغلتني عن مالي ( 6 ) وأهلي وولدي ، ( فقد ارتعدت فرائصي ( 7 ) من مخافتك ) ؟ فقال : أنا ملك الموت ، أتيتك لقبض روحك ولأنقلك من دار الدنيا إلى دار الآخرة ، فقد انقضت مدتك من الدنيا وجاءت منيتك ( 8 ) ، فبينا هو كذلك يخاطبني إذ أتاني شخصان ولهما منظر أحسن ما يكون ، ما رأيت من الخلق أحسن منهما ( 9 ) ، فجلس أحدهما عن يميني والآخر عن شمالي فقالا ( لي ) : السلام
[1] في المصدر : لسبعون . [2] في المصدر : وكنت أعمل به وأؤدي فرائضه . [3] انقطعت ( خ ل ) ، فعقره ( خ ل ) . [4] في المصدر : قرب ، بكى . ( 5 ) في الأصل : إخواني ، ولعله تصحيف . ( 6 ) في المصدر : من مالي . ( 7 ) ارتعدت أي اضطربت ، الفريصة هي اللحمة بين جنب الدابة وكتفها لا تزال ترعد من الدابة . ( 8 ) في المصدر : أتيتك لأنقلك من الدنيا إلى الآخرة فقد انقطعت مدتك وجاءت منيتك . ( 9 ) في المصدر : هما أحسن خلق الله ما رأيت أحسن منهما .