تضطرب ولم تنبعث مع صاحبها ، والتأثت علي أموري : أي اختلطت ، والالتياث : الاختلاط والالتفاف - انتهى ) [1] . وعن الحسين بن الأهوازي [2] في كتاب الزهد عن حماد بن عيسى ، عن حسين بن المختار ، رفعه إلى سلمان رضي الله عنه أنه قال : ( لولا السجود لله ومجالسة قوم يتلفظون طيب الكلام كما يتلفظ طيب التمر ، لتمنيت الموت ) [3] . أقول : هذا هو الوجه في الجمع بين ما دل على حب لقاء الله ، وبين ما دل على كراهة الموت عن كثير من الأنبياء والأولياء ، وما ورد من استدعاء طول العمر وبقاء الحياة ، وذكر الأصحاب له وجوها آخر من أرادها وجدها [4] ، وهذا أحسنها .
[1] مجمع البحرين 2 : 263 . [2] الحسين بن سعيد بن حماد بن مهران الأهوازي مولى علي بن الحسين عليهما السلام ثقة عين جليل القدر ، روى عن الرضا عليه السلام وعن أبي جعفر وعن أبي الحسن الثالث عليهما السلام ، أصله كوفي ، وانتقل مع أخيه الحسن إلى الأهواز ، ثم تحول إلى قم فنزل على الحسن بن أبان وتوفي بقم رحمه الله ( الخلاصة ) . [3] الزهد ، الباب الرابع : 79 ، البحار 6 : 130 ، مستدرك الوسائل 1 : 332 . [4] ذكر العلامة المجلسي رحمه الله خمسة أوجه للجمع بين الأخبار نقلنا بعضها تتميما للفائدة قال : ( الثالث : إن ما ورد في ذم كراهة الموت فهي محمولة على ما إذا كرهه لحب الدنيا وشهواتها والتعلق بملاذها ، وما ورد بخلاف ذلك على ما إذا كرهه لطاعة الله تعالى وتحصيل مرضاته وتوفير ما يوجب سعادة النشأة الأخرى ، ويؤيده خبر سلمان - عني ما جاء في المتن - ، الخامس : إن العبد يلزم أن يكون في مقام الرضا بقضاء الله ، فإذا اختار الله له الحياة فيلزمه الرضا بها والشكر عليها ، فلو كره الحياة والحال هذه فقد سخط ما ارتضاه الله وعلم صلاحه فيه ، وهذا مما لا يجوز ، وإذا اختار الله تعالى له الموت يجب أن يرضى بذلك ، ويعلم أن صلاحه فيما اختاره الله له فلو كره ذلك كان مذموما ، وأما الدعاء لطلب الحياة والبقاء لأمره تعالى بذلك فلا ينافي الرضا بالقضاء ، وكذا في الصحة والمرض والغنى والفقر وسائر الأحوال المتضادة يلزم الرضا بكل منها في وقته ، وأمرنا بالدعاء لطلب خير الأمرين عندنا ، فما ورد في حب الموت إنما هو إذا أحب الله تعالى ذلك لنا ، وأما الاقتراح عليه في ذلك وطلب الموت فهو كفر لنعمة الحياة ، غير ممدوح عقلا وشرعا ، كطلب المرض والفقر وأشباه ذلك ، وهذا وجه قريب ويؤيده كثير من الآيات والأخبار والله تعالى يعلم - انتهى كلامه رفع الله مقامه ) .