متنسك ، هذا يصد الناس عن علمه بتهتكه ، وهذا يصد الناس عن نسكه بجهله ) [1] فإذا اقترن العلم الكامل بالعمل فذلك هو الفضل الباذخ والشرف الشامخ ، قال أمير المؤمنين عليه السلام : ( أيها الناس ! اعلموا أن كمال الدين طلب علم والعمل به ) [2] ، والمراد بالعلم الكامل ما به يخشى الله حامله ، لما في الصحيفة الشريفة : ( لا علم إلا خشيتك ) ، وهو الاعتقاد الصحيح المقترن بموالاة أولياء الله الذين لا سبيل إلى معرفته إلا بمعرفتهم ومعاداة أعدائهم ، فإن المنفك عنها وبال له : ( يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ) [3] ، ( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ) [4] . ويتوقف استقراره بطي ثلاثة مراحل : بآية محكمة وفريضة قائمة وسنة عادلة [5] ، وحينئذ يكون أولى الناس بالأنبياء كما قال عليه السلام : ( أولى الناس بالأنبياء أعلمهم بما جاؤوا به ) [6] ، ويدخل في ورثتهم : ( إن العلماء ورثة الأنبياء ، فإنهم لم يورثوا درهما ولا دينارا ، ولكن ورثوا العلم ) [7] ، ويصير مداده أفضل من دماء الشهداء وأرجح منها ميزانا [8] ، بل : ( من خرج من بيته يلتمس بابا من العلم كتب الله له بكل قدم ثواب شهيد من شهداء بدر ) [9] ، وكيف لا تكون كذلك فإنه حافظ للقلوب الضعيفة والعقول الناقصة وأيتام آل محمد صلى الله عليه وآله من فتكات [10] شياطين الأوهام وهجوم
[1] بحار الأنوار 1 : 208 ، قائلا بعده : ( صد الجاهل عن نسكه أما لأن الناس لما يرون من جهله لا يتبعونه على نسكه ، أو لأنه بجهله يبتدع في نسكه فيتبعه الناس في تلك البدعة فيصد الناس عما هو حقيقة تلك النسك ) . [2] بحار الأنوار 1 : 175 . [3] اقتباس من الكريمة ، النحل : 83 . [4] اقتباس من الكريمة ، النمل : 14 . [5] بحار الأنوار 1 : 211 ، وفيه : ( فريضة عادلة وسنة قائمة ) ، أقول : راجع إلى ما قيل في حق إلى المصدر . [6] بحار الأنوار 1 : 183 ، قائلا بعده : ( في بعض النسخ : أعملهم ، وهو أظهر ) . [7] بحار الأنوار 1 : 164 ، وفيه ( إن الأنبياء لم يورثوا . . . ) . [8] كما في الفقيه 4 : 399 . [9] بحار الأنوار 1 : 178 . [10] فتك بفلان : بطش به أو قتله على غفلته .