نام کتاب : نظريات الخليفتين نویسنده : الشيخ نجاح الطائي جلد : 1 صفحه : 70
لكن أبا جندل لم يجبه إلى قتل أبيه خشية الفتنة ، وعملا بما أمره به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) من الصبر والاحتساب . وقال لعمر : مالك لا تقتله أنت ؟ قال عمر : نهانا رسول الله عن قتله وقتل غيره . فقال أبو جندل : ما أنت أحق بطاعة رسول الله مني [1] . فنلاحظ من ذلك أن حلم أبي جندل أكثر من حلم البعض ، وأن عمر يتصرف تصرفا شخصيا ولا يفكر بعاقبة الأمور . إذ لو أقدم أبو جندل على قتل أبيه لحدثت فتنة بين الفريقين تطول مدتها ، والنبي ( صلى الله عليه وآله ) يريد فتح مكة بأسهل الطرق وإقصرها مدة . وعمر بطبيعته يفكر بانفعال وعجلة . إذ كيف تمر حادثة مقتل عمرو بن عبد ود العامري بسهولة . إذ سوف تفهمها قريش بكونها غدرا من النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأصحابه ، وسهيل سفير قريش ، والسفير لا يقتل ، لذلك لم يقتل كسرى الفرس الكافر سفير النبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، بل قال : لو كان السفير يقتل لقتلته . . . ؟ ! فهل يكون النبي ( صلى الله عليه وآله ) دون كسرى في الوفاء بالعهود والأعراف والعياذ بالله ! ! وقد رفض عمر بنود صلح الحديبية ، وقال ما شككت إلا يومئذ ، فيكون طلبه قتل سفير قريش نابعا من رغبته في تحطيم معاهدة الحديبية ؟ ونحن هنا نبحث عن معالم شخصية عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) ، ومن خلال ترغيبه ومساعدته على قتل سفير قريش ، ورئيس وفدها ، وأحد وجوهها البارزين ، نتذكر ما صمم عليه عمر في مكة من نيته وعزمه على قتل النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ونتذكر طلبه من أبي بكر الإقدام على قتل علي ( عليه السلام ) بعد حادثة السقيفة ، وطلبه من جماعته قتل سعد بن عبادة ( رئيس الأنصار ) .