نام کتاب : نظرة عابرة إلى الصحاح الستة نویسنده : عبد الصمد شاكر جلد : 1 صفحه : 73
4 - في الحديث نكتة مهمة لا بد من لفت النظر إليها ، وهي أن هذا الذي أراد صلى الله عليه وسلم أن يكتبه إنما كان يوجب حفظ الأمة عن الضلال بعد حياته حيث قال : لن تضلوا أو لا تضلوا ، أو لا تضلون بعده ، أي بعد هذا الكتاب ، فإنه كان عالما - بإعلام الله تعالى - أنه ذاهب في القريب العاجل إلى ربه وإلى الرفيق الأعلى ، فهذا الأمر لا يتعلق بهداية الناس في حياته وإلا لبينه للناس قبل ذلك في مكة أو في أوائل هجرته ، فإن تبليغ ما أنزل إليه من ربه واجب عليه ، فإن لم يفعل فما بلغ رسالته . وبعبارة أخرى أن الذي قصد كتابته أمر خطير وحافظ من ضلال الأمة ، لكنه ليس متعلقا بأيام حياته صلى الله عليه وسلم ، بل يتعلق بحال المسلمين بعد وفاته صلى الله عليه وسلم . وهذا الذي يستفاد بوضوح من قوله صلى الله عليه وسلم : ( بعده ) ، يؤكده قوله تعالى : ( اليوم أكملت لكم دينكم . . . ) فكما أنه ليس من أمور التوحيد والمعاد وسائر أصول الإسلام وليس من فروعه أيضا كما عرفت ، كذلك ليس موردا لابتلاء المسلمين إلى ذلك اليوم وإلى حين وفاته وإلا لتوجه الإيراد عليه صلى الله عليه وسلم أولا : بأنه لم يبينه لحد الآن ، وثانيا : بأن الله أكمل الدين فما معنى ضلال المسلمين بعده . 5 - من الواضح أنه يخطر في ذهن كثير من أهل العلم وغيرهم أن مجرد منع جماعة من الصحابة بقيادة عمر ( رضي الله عنه ) لا يكفي لانصراف النبي صلى الله عليه وسلم عن كتابة هذا الأمر المهم المانع عن الضلال ، فلم أنصرف عنها ولم لم يبينه قولا وشفاها حتى طردهم عن بيته وسكت عن مراده ؟ وهذا سؤال مهم جدا . وجوابه عندي أن النبي صلى الله عليه وسلم علم أن تأكيده على مراده بالكتابة لا يفيد
73
نام کتاب : نظرة عابرة إلى الصحاح الستة نویسنده : عبد الصمد شاكر جلد : 1 صفحه : 73