نام کتاب : نظرات في التصوف والكرامات نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 47
تأخذها ؟ ! أنت أهون على الله من ذلك . قال عاصم : يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك ، وجشوبة مأكلك . قال : ويحك ، اني لست كأنت ، ان الله فرض على أئمة العدل ان يقدروا أنفسهم بضعفة الناس ، كيلا يتبيع بالفقير فقره ، اي يهيج به ألم الفقر فيهلكه . وقول الإمام " استهام بك الشيطان " يدل على أن التنسك مكروه الا لغاية حميدة ، كالمساواة وما إليها . هذي هي فلسفة الزهد المرغوب فيه ، انه نظام المساواة يطبقه المخلصون على أنفسهم بالافعال قبل الأقوال ، وهو في الوقت نفسه رد فعل لترف المترفين ، واحتجاج على من يتنعمون على حساب المظلومين . كان أويس القرني ، وهو امام الصوفية وسيدهم ، كان يتصدق بما يزيد عن مأكله وملبسه ، ثم يخاطب الله بقوله : " اللهم من مات جوعا فلا تؤاخذني به ، ومن مات عريانا فلا تؤاخذني " . وليس عمل أويس هذا تضحية ، وكفى ، بل وحجة دافعة تدين المحتكرين بقتل من يموت جوعا ، وعريا . . وكان أويس من التابعين أدرك الصحابي الجليل أبا ذر الذي ثار على تصرفات عثمان في أموال المسلمين ، واسراف معاوية في البذخ ، وبناء الدور والقصور ، وبهذا يتبين ان التصوف الاسلامي نشأ أول ما نشأ احتجاجا على الأثرياء الذين يكنزون الذهب والفضة ، ولا ينفقونها في سبيل الله ، ثم تطور مع الزمن إلى تصوف نظري ،
47
نام کتاب : نظرات في التصوف والكرامات نویسنده : محمد جواد مغنية جلد : 1 صفحه : 47