نام کتاب : منهج الرشاد لمن أراد السداد نویسنده : الشيخ جعفر كاشف الغطاء جلد : 1 صفحه : 561
وبيان الحال : أن ( الشفاعة ) إن كانت من قبيل الدعاء ، فيرجع طلبها إلى التماس الدعاء من الأنبياء والأولياء ، فتكون عبارة عن دعاء مخصوص لنجاة الغير ، أو قضاء حاجته في أمور الدنيا والآخرة ، فلا كلام ولا بحث في جواز طلبها من كل أحد ، فهي كما لو سألت إخوانك الدعاء . ويؤيد ذلك أنه لما سئل إدريس عليه السلام الشفاعة دعا . ولا فرق بين الأحياء والأموات ، فأنا سنبين - إن شاء الله - تواتر الأخبار في أن الأموات يسمعون وينطقون ، لكن الناس لا يسمعون كلامهم . فالشفاعة بهذا المعنى لا غضاضة في طلبها ، إذ لسنا في ذلك بمنزلة من قالوا لا طاقة لنا بعبادة الله ، ونحن نعبد الأصنام ، وهم يوصلوننا إلى الله . وإن أريد بالشفاعة منصب أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم وأوليائه ، فيدفعون بالأذن العام عن الناس ، بمعنى أن الله أذن إذنا عاما لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم في إنقاذ بعض أهل العذاب من العذاب يوم يقوم الحساب ، فبهذا المعنى تكون مخصوصة في الآخرة . ولا ريب أن المستشفع بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والأولياء في دار الدنيا ، يريد المعنى الأول . فليت شعري ما الذي ينكر من طلب الشفاعة ، أمن جهة خطاب الموتى فلذلك لا يوجب كفرا ولا إشراكا ، لو كان خطأ ، فكيف لو كان صوابا ، أو من جهة إسناد الأمر إلى غير الله سبحانه ، وهذا أعجب من السابق ، فأن الداعي والساعي في حاجة أحد إلى مولاه لا يرتفع عن درجة العبودية ، ولا سيما إذا لم يحدث شيئا إلا عن إذنه . ومن البديهية [1] أن العبيد والخدام القائمين بشرائط العبودية والخدمة مع الأذن يشفعون عند مواليهم في قضاء حوائج الناس ، ولا يخرجهم ذلك عن العبودية والخدمة ، بل هذا نوع من العبودية . وفي أحاديث الشفاعة ما يدل على عموم الشفاعة في دفع المضار الدنيوية والأخروية . وقد نقل عن الصحابة بطرق معتبرة أن الصحابة كانوا يلجأون إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ويندبونه في الاستسقاء ورفع الشدائد والأغراض الدنيوية . روى البيهقي بطريق صحيح عن مالك الدار خازن عمر رضي الله عنه أنه أصاب الناس قحط ، فذهب رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استسق لأمتك فقد هلكوا ، فأتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المنام ، فقال له : قل لعمر : قد سقوا [2] .
[1] في النسخة المطبوعة : ( الأمور البديهية ) . [2] البيهقي : 3 / 344 .
561
نام کتاب : منهج الرشاد لمن أراد السداد نویسنده : الشيخ جعفر كاشف الغطاء جلد : 1 صفحه : 561