نام کتاب : منهج الرشاد لمن أراد السداد نویسنده : الشيخ جعفر كاشف الغطاء جلد : 1 صفحه : 540
فإذا لاحظت أن المعصية كانت في حق الله ، تجدها - ولو صغرت - أكبر من الجبال الرواسي ، حتى أنه بلسان الورع والتقوى دون الفقه والفتوى ، ربما لا يفرق بين الصغائر والكبائر . بل ربما نقل عن بعض الأولياء أنه لا فرق بين المكروه والحرام ، والمسنونات وفرائض الأحكام ، قال : لأن الكل مطلوب للملك العلام . وإذا بني على هذا استحسن هذا الاطلاق ، وحسن إطلاق اسم المعاصي والمحرمات على فعل المكروهات ، والفرائض والواجبات على فعل المستحبات والمندوبات ، وكبائر الخطيئات على صغائر التبعات ، والكفر والكفار على كل من عمل ما يوجب دخول النار . ولولا ذلك للزم كفر أكثر من في الأرض ، لأنه قلما خلت معصية من هذا الغرض ، ولو علمنا بجميع ظواهر الأخبار ، لاختلت علينا أحكام ملة النبي المختار ، وفقنا الله وإياك ، وهدانا الله إلى الحق وهداك [1] . المقصد الثاني في تحقيق معنى العبادة لا ريب أنه لا يراد بالعبادة التي لا تكون إلا لله ، ومن أتى بها لغير الله ، فقد كفر مطلق الخضوع والخشوع والانقياد ، كما يظهر من كلام أهل اللغة ، وإلا لزم كفر العبيد والأجراء ، وجميع الخدام للأمراء ، بل كفر الأبناء في خضوعهم لللآباء ، وجميع من تواضع للإخوان ، أو لأحد من أصحاب الإحسان . وإنما الباعث على الكفران ، الانقياد لبعض العباد مع إعتقاد استحقاقهم ذلك بالاستقلال من دون توجه الأمر من الكريم المتعال ، وأن لهم تدبيرا واختيارا . ولفظ ( العبد ) و ( العبادة ) قد يطلق على مطلق المطيع والطاعة ، فقد ورد : أن العاصي عبد الشيطان ، وإنه عبد الهوى . وإن الإنسان عبد الشهوات ، وإن من أصغى إلى ناطق فقد عبده . ثم من اتبع قول قائل لأنه مخبر عن غير ، فهو عابد للمخبر عنه ، لا للمخبر . ومن خدم شخصا بأمر آمر ، فالمعبود هو الآمر ، ومن تبرك بشئ لأمره ، كان ذلك من عبادة الآمر . فالملائكة في سجودهم لآدم ، ويعقوب في سجوده ليوسف ، والناس في تقبيلهم
[1] في المطبوع : وفقنا الله وإياكم ، وهداك إلى الحق المبين .
540
نام کتاب : منهج الرشاد لمن أراد السداد نویسنده : الشيخ جعفر كاشف الغطاء جلد : 1 صفحه : 540