نام کتاب : منهج الرشاد لمن أراد السداد نویسنده : الشيخ جعفر كاشف الغطاء جلد : 1 صفحه : 526
ولعل هذا مبني على أن التواضع تختلف أقسامه باختلاف الأزمان ، وكيف كان فالذي يظهر بعد التأمل التام اختلاف الأقوال والأفعال باختلاف المقاصد . ومن ذلك اختلاف أحوال الزهاد ، فبعض ترك المآكل والملابس الحسان ، واقتصر على الجشب والخشن ، وبعضهم يأكل من أطيب المأكول ، ويلبس من أنعم الملبوس . وباعتبار اختلاف النيات دخل ( العملان ) في قسم العبادات . ثم إن الأفعال المختلفة بعضها لا ينسب إلى غير الله ، كايجاد الكائنات ، وصنع المصنوعات . وبعضها لا ينسب إلى الله ، كأفعال القبائح والمنفرات ، وبعضها تختلف معانيها ومقاصدها ، فتنسب إلى الخالق مرة ، والمخلوق أخرى . وهذا الحكم متمش على قول من لم يثبت فاعلا سوى الله ، وعلى قول من أثبت . والمعيار أنه متى قام احتمال إرادة وجه صحيح بني عليه ، لقوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( إدرؤا الحدود بالشبهات ) ، ( ولا تقل في الناس إلا خيرا ) . وما دل على النهي عن سوء الظن ، فكيف بالشك . وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : إدرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم [1] . فالناس إذن في صدور أمثال هذه الأمور عنهم على أنحاء : بين علماء عاملين ، مقاصدهم صحيحة ، فلا يتعمدون بالأقوال والأفعال ، إلا الوجوه السليمة من القيل والقال . وبين أعوام جهال بنوا على ما بنى عليه علماؤهم على الإجمال ، وليس لهم قابلية التفتيش على حقيقة الحال ، فهم أيضا معذورون عند رب العزة والجلال . وبين من بنوا على طريق الضلال ، وعليهم المؤاخذة بضروب النكال . والتحقيق أن تبدل الأحكام بتبدل الموضوعات ، ليس من باب التشريع والإبداع ، مثلا يستحل للنساء التزين لرجالهن ، فمنذ كان لبس السواد زينة استحب ، فإذا انعكس وصار الميل إلى الأحمر والأصفر انعكس الخطاب . وألوان اللباس تختلف باختلاف الناس ، ففي كل بلاد يستحب لون ونوع ، فإنه قد يكون في مكان لباس شهرة ، وفي آخر بعكسه ، وفي موضع من لباس النساء ، وفي موضع بعكسه . وكذا كانت رغبة الناس في طيب الكافور ، فكرهه اليوم .