نعم إن الخليفة أراد الاكتفاء بالقرآن ، لقوله : ( بيننا وبينكم كتاب الله ) ، وهذا الموقف يشبه موقف عمر بن الخطاب بمحضر الرسول عند مرضه : ( حسبنا كتاب الله ) ، وهو من أقوال عائشة كذلك ، حيث ردت بعض أحاديث رسول الله بقولها : ( حسبكم القرآن ) . وقد كان رسول الله قد نبأ في حديث الأريكة بمجئ من يجلس على أريكته يحدث بحديث رسول الله فيقول : ( بيننا وبينكم كتاب الله ) ( 1 ) ، وقد انطبق هذا التنبأ بالفعل بعد وفاته ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على الخليفة الأول ، لقول ابن أبي مليكة في مرسلته : ( إن الصديق جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال . . . فمن سألكم فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه ) . إن تقارب هذين النصين ، أي قول رسول الله : ( يوشك ) والذي هو من أفعال المقاربة ، وحدوث ذلك بالفعل في أوائل خلافة أبي بكر ، لقول ابن أبي ملكية : ( جمع الصديق الناس بعد وفاة نبيهم . . . ) ، يرشدنا إلى وجود سر في نقله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لهذا الأمر ، وهو وكما قاله البيهقي في كتاب دلائل النبوة : ( إنه من أعظم دلائل النبوة وأوضح أعلامها ) . نعم إن رسول الله لم يكن يرتضي هذا الاتجاه ، لقوله في بعض تلك
1 - راجع : مسند أحمد 4 / 132 ، سنن ابن ماجة 1 / 6 / 12 ، سنن أبي داود 4 / 200 / 4604 ، سنن البيهقي 9 / 331 ، دلائل النبوة 1 / 25 ، 6 / 549 ، الأحكام لابن حزم 2 / 161 ، الكفاية في علم الدراية : 9 .