نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 65
وأذكر أني رجعت إليه بعد يومين وقلت له : إذا كان اعتقادك أن الله هو الذي يفعل كل شئ ، وليس للعباد أن يختاروا أي شئ ، فلماذا لا تقول في الخلافة نفس القول ، وأن الله سبحانه هو الذي يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ؟ فقال : نعم أقول بذلك ، لأن الله هو الذي اختار أبا بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ( عليه السلام ) ، ولو شاء الله أن يكون علي هو الخليفة الأول ما كان الجن والإنس بقادرين على منع ذلك . [1]
[1] من الواضح أنه خلط بين الإرادة التكوينية والإرادة التشريعية ، ولم يفرق بينهما - حتى لجأ للقول بمقالة المجبرة - والفرق بينهما إن متعلق الإرادة التكوينية لا يتخلف عنها في الخارج أبدا ، قال تعالى : * ( وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) * البقرة / 117 ، وقال تعالى : * ( ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا ) * يونس / 99 ، فلا يتخلف المراد فيها عن الإرادة ، أما الإرادة أو المشيئة التشريعية فهي تتعلق بالمكلفين وأفعالهم ، فليست خارجة عن إرادتهم واختيارهم ، فبقدرتهم إطاعة الله تعالى غير ملجئين عليها فيثيبهم الله ، وبإمكانهم معصيته باختيارهم غير مجبرين عليها فيعاقبهم الله ، ولو أن الله تعالى أجبر العباد على الطاعة أو على المعصية - تعالى الله عن ذلك - لبطل الثواب والعقاب ، بل أمرهم ونهاهم تشريعا لا تكوينا . أما بالنسبة للمثال المذكور في المناظرة ، فنقول : إن الله تعالى أراد أن يكون الإمام علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) هو الخليفة الشرعي للنبي ( صلى الله عليه وآله ) تكوينا ، فلا بد أن يكون الإمام بإرادة الله تعالى ومشيئته ، رضي الناس بذلك أم لم يرضوا ! وأما اتباع الناس له وطاعتهم له فهو متعلق بالإرادة التشريعية * ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم ) * فلا جبر فيها ، فشأن أولئك الذين خالفوا أمر الله تعالى في أوليائه وأوصيائه ، شأن تلك الأمم السالفة التي عصت الرسل وكذبوهم بل هناك من الأمم من قتلت أنبياءها ، كما حصل في بني إسرائيل الذين قتلوا سبعين نبيا في ساعة واحدة ، فهل يقال : إن الله تعالى أراد من بني إسرائيل قتل الأنبياء تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، هذا وكل شئ بمشيئته غير خارج عنها بمعنى أنه لو أراد تكوينا عدم وقوعها في الخارج لما وقعت ، وجرت حكمته تعالى في خلقه أن يمتحنهم بعدما هداهم السبيل * ( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ) * غير مكرهين على الفعل ولا مجبورين على عدمه ، بل هو أمر بين أمرين
65
نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 65