نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 54
فقلت له : لم جعلت الجمع بينهما من حيث ذكرت أولى من التفرقة بينهما ، من حيث كان أحدهما مريدا لإتمام قبل أن يبدو له فيه فينهى عنه ، وهو الطبيب ، والآخر غير مريد لإتمامه على كل وجه ، وهو سيد العبد ، بل كيف لم تفرق بينهما من حيث أن الطبيب لم يجز قط أن يقع منه اختلاف الأمر إلا لتجدد علم له لم يكن ، وسيد العبد يجوز أن يقع منه النهي بعد الأمر من غير أن يتجدد له علم ، ويكون عالما بنهضته في الحالين ، ومسارعته إلى ما أحب ، وإنما أمره بذلك ليعلم الحاضرون حسن طاعته ، ومبادرته إلى أمره ، وأنه ممن يجب اصطفاؤه ، والإحسان إليه ، والتعويل في الأمور عليه . قال : فإذا سلمت لك الفرق بينهما ، فما تنكر أن يكون دالا على أن مثالك الذي أتيت به غير داخل في البداء ؟ قلت : أنكرت ذلك من قبل أن البداء عندنا جميعا نهي الآمر عما أمر به قبل وقوعه في وقته ، وإذا كان هذا هو الحد المراعى فهو موجود في مثالنا ، وقد أجمع العقلاء أيضا على أن السيد فيه قد بدا له فيما أمر به عبده . قال : فإذا دخل القسمان في البداء ، فما الذي تجيز على الله تعالى منهما ؟ فقلت أقربهما إلى قصة إبراهيم الخليل ( عليه السلام ) وأشبههما لما أمر الله تعالى في المنام بذبح ولده إسماعيل ( عليه السلام ) ، فلما سارع إلى المأمور راضيا بالمقدور ، وأسلما جميعا صابرين ، وتله للجبين ، نهاه الله عن الذبح بعد متقدم الأمر ، وأحسن الثناء عليهما ، وضاعف لهما الأجر . وهذا نظير ما مثلت من أمر السيد وعبده ، وهو النهي عن المأمور به قبل وقوع فعله .
54
نام کتاب : مناظرات في العقائد والأحكام نویسنده : الشيخ عبد الله الحسن جلد : 1 صفحه : 54