نام کتاب : مفاهيم القرآن ( العدل والإمامة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 32
* الأشاعرة والتكليف بما لا يطاق ذهب لفيف من متكلمي الإسلام - وللأسف الشديد - إلى جواز التكليف بما لا يطاق ، ولم يصغوا لنداء العقل ولا الشرع ، بل أهالوا التراب على فطرتهم القاضية بعدم صحة التكليف بما لا يطاق . وقد اتخذوا ظواهر بعض الآيات ذريعة لعقيدتهم في هذا المجال ، وها نحن نستعرض تلك الآيات ونناقشها كي يتجلى الحق . 1 - * ( الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون * أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ) * . [1] استدل الإمام أبو الحسن الأشعري ( 260 - 324 ه ) على أنهم كانوا مكلفين بالسماع والإبصار ومع ذلك ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون ، فدل على جواز التكليف بما لا يطاق . وهذا الاستدلال يتبدد بالتوضيح التالي : وهو أنهم وإن كانوا مأمورين مكلفين بالسماع والإبصار ومع ذلك كانوا عاجزين عنهما لكن ذلك العجز لم يكن مقرونا بهم منذ بلوغهم وتكليفهم ، وإنما أدى بهم التمادي في المعصية إلى أن صاروا فاقدين للسمع والأبصار ، فقد سلبت عنهم هذه النعم بسوء اختيارهم نتيجة الذنوب التي اقترفوها ، فكان لهم قلوب لا يفقهون بها ، وآذان لا يسمعون بها ، يقول سبحانه : * ( لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم