نام کتاب : مفاهيم القرآن ( العدل والإمامة ) نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 17
وأما الدعوى الثانية وهي أنه بعد ما تبين أن العدل حسن ، والظلم قبيح ، فالله سبحانه موصوف بالعدل ومنزه عن الظلم ، وذلك ، مضافا إلى أنه سبحانه حكيم ، والحكيم يعدل ولا يجور - أن الجور رهن أحد أمرين ، إما الجهل بقبح العمل ، أو الحاجة إليه ، والمفروض انتفاء كلا المبدأين عنه سبحانه . وربما يقال إن كون الشئ حسنا أو قبيحا عند الإنسان لا يلازم كونه كذلك عند الله ، فكيف يمكن استكشاف أنه سبحانه لا يفعل القبيح ؟ والجواب عنه واضح لأن المدرك للعقل هو حسن الفعل على وجه الإطلاق ، أو قبحه كذلك ، من دون أن تكون للفاعل مدخلية فيه سوى كونه فاعلا مختارا ، وأما كونه واجبا أو ممكنا فليس بمؤثر في قضاء العقل . وعلى ذلك فإذا ثبت كون الشئ جميلا أو قبيحا فهو عند الجميع كذلك . * شمولية عدله سبحانه يظهر من الآية الأولى أن عدله يعم جميع شؤونه ، حيث يقول : * ( شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط ) * [1] فقوله : " قائما " حال من لفظ الجلالة ، في قوله : شهد الله ، أو الضمير المنفصل ، أعني : إلا هو . والمتبادر منه أنه سبحانه يجري العدل في عامة شؤونه في خلقه وتشريعه فهو عادل ذاتا وفعلا . وتشهد على ذلك مضافا إلى شهادته سبحانه به ، شهادة الملائكة وأولي العلم ، فكأن الآية تنحل إلى الجمل التالية :