لأجله ، خاشعا قلبه ، ذاكرا ربه ، قانعة نفسه ، منفيا جهله ، سهلا أمره ، حزينا لذنبه ، ميتة شهوته ، كظوما غيظه ، صافيا خلقه ، آمنا منه جاره ، ضعيفا كبره ، قانعا بالذي قدر له ، متينا صبره ، محكما أمره ، كثيرا ذكره ، يخالط الناس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ، ويتجر ليغنم ، لا ينصت للخبر ليفجر به ، ولا يتكلم ليتجبر به على من سواه ، نفسه منه في عناء ، والناس منه في راحة ، أتعب نفسه لآخرته فأراح الناس من نفسه ، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله الذي ينتصر له ، بعده ممن تباعد منه بغض ونزاهة ، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة ، ليس تباعده تكبرا ولا عظمة ، ولا دنوه خديعة ولا خلابة [1] ، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير ، فهو إمام لمن بعده من أهل البر " . قال : فصاح همام صيحة ، ثم وقع مغشيا عليه ، فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : " أما والله لقد كنت أخافها عليه " ، وقال : " هكذا تصنع الموعظة البالغة بأهلها " ، فقال له قائل : فما بالك يا أمير المؤمنين ؟ فقال : " إن لكل أجلا لا يعدوه ، وسببا لا يجاوزه ، فمهلا لا تعد ، فإنما نفث على لسانك شيطان " . 31 - نهج البلاغة حكمة 325 ص 1243 : وقال ( عليه السلام ) في صفة المؤمن : " المؤمن بشره في وجهه ، وحزنه في قلبه ، أوسع شئ صدرا ، وأذل شئ نفسا ، يكره الرفعة ، ويشنأ السمعة ، طويل غمه ، بعيد همه ، كثير صمته ، مشغول وقته ، شكور صبور ، مغمور بفكرته ، ضنين بخلته [2] ، سهل الخليقة ، لين العريكة ، نفسه أصلب من الصلد ، وهو أذل من العبد " . ورواه في البحار ج 75 ص 73 : روي عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يوما قد وصف
[1] خلبه : خدعه . [2] أي بخيل بها ، وهنا وجهان : فتح الخاء بمعنى لا يعرض له حاجة عند الناس ، وضمها بمعنى زيادة مودته وصداقته . والأول أظهر .