ومشورته للخلفاء ، مما أنقذهم بها من الهلكة والانهيار ، في مواطن كثيرة من حكمهم وخلافتهم . وكما بدأت تفاعلات هذه الحركة - في أعقاب هذا الحدث الفذ - كذلك بدأت الحركة المضادة لها ، وهي تتفاعل في أعماق السياسة التي ظهرت - بعد ذلك - على مسرح الأحداث الإسلامية التي أعقبت عهد النبي ( صلى الله عليه وآله ) بصورة مباشرة . وقد ظلت هذه التيارات المتصارعة تسير في خط متناقض ، تشتبك فيها السياسة مع العقيدة ، حتى انتهت إلى النهاية التي ألحت على حتمية النهوض والإصلاح . وعلى امتداد الخلافة التي مارسها الإمام ( عليه السلام ) ومارس فيها تصفية الأوضاع والاتجاهات التي أدت بكثير من فرق المسلمين إلى المروق والانحراف عن السلوك السوي الذي انتهجه الإسلام ، وخططه للمسلمين : كان لا بد لحركة التشيع في ظل هذه الخلافة من أن تنمو وتنفتح ، وتزداد عطاءاتها وتزدهر آثارها ، إلا أن القوى المضادة التي مارستها السياسة الأموية - بكل جهدها وطاقاتها - كانت تحاول - هي الأخرى - هدمها والإطاحة بها ، ومصادرتها ، ونقض شروط المصالحة معها ، وهي تلك الشروط التي صادق عليها الإمام الحسن ( عليه السلام ) وسحقتها السياسة الأموية ، وتنكرت لها ، وخرجت عليها . وقد برز في هذا الصراع العنيف الدور القائد للتضحية والفداء ، فتمخضت هذه الحركة الجبارة عن ثورة خالدة ، ظلت تمارس - في كل جيل - مقارعة الانحراف ، ومجابهة المروق عن الدين ، وهي تدفع بحركة التاريخ الإسلامي إلى أن تسير في طريقها الرسالي الواضح من جديد ، وتنحدر في مسارب الأجيال والمجتمعات التي أعقبت هذه الانتفاضة الجبارة .