فقد بدأت فاعلية هذه الحركة ، وتميزت معالمها منذ أن جوبه المسلمون بانقضاء الوحي ، وإناطة الولاية الإلهية بمن يستخلف المسلمين ويتولاهم ، وقد كان ذلك بداية خطيرة لحياة المسلمين السياسية والسلوكية ، بدأ ينخر في أعمالهم ودخائلهم . ومهما يكن تفسير هذا الحدث الإسلامي الفذ الذي ألح عليه الوحي ، وغطاه بالموقف الصلد الحازم في حماية الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) من الأخطار والشرور . ومهما تكن طبيعة هذا البلاغ الخطير في يومه المشهود ، الذي تم فيه الأمر لعلي - فإن الشخصية النموذجية التي استطاع النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن يواجه به المسلمين ، وهي أصدق صورة لنفسه وسيرته ، هو هذا النموذج الأمثل الذي كان ( صلى الله عليه وآله ) على أشد ثقة من سابقته التي بدأها بالإيمان والفطرة ، وعاشها بالصبر والجهاد ، ومارسها بالطهر والعمسة ، وختمها بالتضحية والشهادة كما كان على أشد ثقة بكل مراحل حياته التي استقام فيها ، وكابد المكاره من أجلها ، وجرع الغصص في سبيلها . وحين قدم النبي ( صلى الله عليه وآله ) إلى المسلمين هذا الأنموذج الفذ الذي تمثل فيه واقع الإسلام وجوهره ، لم يرد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) من أمر الخلافة وتجسيد واقعها بأكثر من ذلك ، ولا بأكثر من أن يظل هذا الأنموذج الفذ هو القائد والرائد ، والهادي ، والمستحفظ ، الذي لا يتخطاه المسلمون ، ولا يعدلون عنه ، ولا يختارون غيره - إن كان لهم الخيرة في ذلك - اتباعا للرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) والذي نص عليه ، وانقيادا للوحي الإلهي الذي اختاره واصطفاه ، فأكمل به دينه الذي ارتضاه ، وأتم به نعمته على المسلمين . وقد صدقت نبوة النبي ( صلى الله عليه وآله ) عند المسلمين في كل ما مارسه الإمام ( عليه السلام ) من مسؤوليات الإمامة التي تجلت في جهاده للإسلام وفي ريادته للمسلمين ، وفي نصحه