واجهة . . تمثل سياسة الحكم ، وقيادة المسلمين وانتظاماتهم . وواجهة . . تمثل النزعة الفكرية والاتجاهات العقلية والعقيدية في حياتهم . وإذا كانت مشايعة علي ( عليه السلام ) لمحمد ( صلى الله عليه وآله ) في أعمق وأعنف معانيها العقيدية قد تسربت إلى مشايعة أمثل الصحابة في الصدر الأول لعلي ( عليه السلام ) في هذا المستوى العنيف والعميق من الإيمان ، فإن هذا التشيع هو امتداد واضح لفاعلية الإسلام ونفاذه في الصفوة المختارة من المسلمين الذين وقفوا إلى جانب هذه الواجهة المتميزة ، وعاشوا حقها بكل وجودهم وضمائرهم . وهكذا بدأت مشايعة النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله ) من انطلاقة علي ( عليه السلام ) وإيمانه وانصهاره في الرسالة الإسلامية ، وهكذا . . ظلت الصحابة هذه المشايعة هي المسيرة الإسلامية الحادة التي تدرجت في إيمان هؤلاء الصحابة وضمائرهم ، كما تدرجت في النهج الذي انتهجه النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، لعامة المسلمين في دعوته الإلهية التي حدد أعادها في اتباع أهل البيت ( عليهم السلام ) والتمسك بأهداب سنتهم وسريتهم . وعلى امتداد هذا الخط الإسلامي القويم تقف الأجيال الرتيبة التي تفتحت لهذه الحركة الفذة ، وآمنت بها ، وتفاعلت معها ، فأضحى التشيع في حساب هذه الأجيال خطا مستقيما تسير عليه الرسالة الإسلامية من الوجهة العقلية والعقيدية ، وهو ما حمله الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) ، كما حمله أهل بيته الأطهار ( عليهم السلام ) عقب الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وعبر الأجيال التي أعقبت جهادهم وتضحياتهم . وبالرغم من أن الانطلاقة الأولى التي أوجدت هذه الحركة الفعالة ، وكانت تتمثل في بيعة علي ( عليه السلام ) وتوليه أمر الوزارة والخلافة يوم الدار ، إلا أن أوسمة الخلافة وشاراتها كانت تتدافع على أكتاف الإمام ( عليه السلام ) وواجهته حتى انتهى الأمر إلى الحد الحاسم من إعلان خلافته وولايته على المسلمين .