مقدمة لجنة التأليف الحمد لله ربّ العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على أشرف الخلق أجمعين ، خاتم النبيين وسيد المرسلين أبي القاسم محمد ، وعلى آله الطيبين الطاهرين المعصومين .
لم يكن الحوار في يوم من الأيام مانعاً من التكامل المعرفي للإنسان ، بل هو وسيلة من وسائل المعرفة للتمييز بين الحق والباطل ، فكان من بين أوّل الحوارات ما جرى بين الحق تبارك وتعالى وملائكته ، قال تعالى : * ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ . . . ) * إلى قوله تعالى : * ( فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) * [1] . وفي حوار آخر ، قال تعالى : * ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ . . . ) * [2] .
ولا يكون الحوار هادفاً إلاّ إذا استند إلى أسس وقواعد المناظرة المبيّنة في أصول البحث العلمي والمنطقي ؛ لأنّها قواعد عقلائية ، يذعن العقلاء بحقانيتها ، ويسلمون بصحة نتائجها ، كما لا شك في أنّه الطريق الأمثل لحل الكثير من المشاكل والخلافات العالقة بين الناس ، فيما إذا كان بعيداً عن اللاموضوعية والعصبية المقيتة ،

[1] البقرة / 30 .
[2] البقرة / 258 .

11