نام کتاب : مطارحات في الفكر والعقيدة نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 149
ونظير هذا ما نقله القرطبي عن مالك بن دينار أنه دعا لامرأة حامل فقال : " اللهم إن كان في بطنها جارية فأبدلها غلاما فإنك تمحو ما تشاء وتثبت وعندك أم الكتاب " [1] . كان على هؤلاء المشنعين أن يعوا ما في عقيدتهم جيدا ويعرفوا رأي علمائهم في علم الله عز وجل ، ولو وقفوا عليه لاستحيوا من هذه المقالة الباطلة ، فإن في عقيدة الأشعرية أن التغيير في القضاء لا يوجب جهلا ولا تغيرا في الذات الإلهية ، لأن التغيير عندهم إنما هو في الإضافات ، وهم يرون أن صفة العلم إضافة مخصوصة وتعلق بين العالم والمعلوم ، أو أنها صفة حقيقية ذات إضافة . وعلى الأول كما صرح به الآلوسي يتغير نفس العلم وعلى الثاني تتغير إضافته فقط . قال : وعلى التقديرين لا يلزم تغير في صفة موجودة بل في مفهوم اعتباري [2] . ولهذا نجد في الرسالة التي نقل نصها الآلوسي كما أشرنا إليها سابقا الاعتقاد المطلق بجواز تغيير وتبديل كل شي في هذا الكون حتى ما كان منه مقدرا مكتوبا في الأزل ! وقد وقفت على تصريح للأستاذ الكبير حامد حفني داود المصري المعروف بما نصه : " والشيعة الإمامية براء مما فهمه الناس عن البداء إذ المتفق عليه عندهم ، وعند علماء العامة أن علم الله قديم منزه عن التغيير والتبديل والتفكير الذي هو من صفات المخلوقات ، أما الذي يطرأ عليه التغيير والمحو بعد الإثبات فهو ما في اللوح المحفوظ بدليل قوله تعالى
[1] الجامع لأحكام القرآن ، للقرطبي 9 : 329 - 330 . وكنز العمال 12 : 620 . [2] روح المعاني ، للآلوسي 13 : 171 .
149
نام کتاب : مطارحات في الفكر والعقيدة نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 149