نام کتاب : مصباح الهداية في إثبات الولاية نویسنده : السيد علي البهبهاني جلد : 1 صفحه : 252
فتبين بما بيناه أنه لا مجال لتفسير " نور السماوات والأرض " في الآية الكريمة إلا بما أطبقت عليه الروايات من هادي السماوات والأرض . بيانه : إن النور كسائر الحقائق من الممكنات ، فلا يحمل على الواجب تعالى شأنه حقيقة تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا ، فحمله عليه تعالى شأنه إنما هو باعتبار ثبوت أثره له تعالى ، وعدم تطرق الضد فيه عز وجل ، كما أن إثبات صفات الكمال له تعالى إنما هو بهذا المعنى ، والأثر الظاهر للنور إنما هو ظهور الأشياء به ، فحينئذ إما أن يراد ظهور الأشياء به حسا أو معنى ، وقد تبين لك أن إرادة الأول لا يلائم مع ما بعده بوجه ، فتعين الثاني ، وهو رفع ظلمات الجهل بنور العلم والهداية . وإذا ثبت ذلك : تبين أن إضافته إلى السماوات والأرض لا تكون إلا باعتبار أهلها ، لأن العلم والهداية لا يتعلق بنفس السماء والأرض ، فالتعبير بالسماوات حينئذ إنما هو باعتبار عدم اختصاص الهداية ، بفرد دون فرد ، فإن التعبير بالجمع المحلى وغيره حينئذ شائع في العرف ، كقوله تعالى : " وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها " ، [1] ولا يكون هذا من باب التجوز في الكلمة بعلاقة الحال ، كما توهموه ، وإنما هو من باب التجوز في الإسناد ، كما حققناه في محله . وبما بيناه تبين أيضا أن تفسير " نور السماوات والأرض " بمزين السماء بالملائكة ، ومزين الأرض بالأنبياء والعلماء - كما نسب إلى أبي كعب - [2] في غير محله ، إلا أن يرجع إلى ما بيناه ، لأن التزيين وإن كان من آثار النور إلا أنه ليس من الحيثيات الظاهرة له ،