الكوفة الذين أثبتوا جرم الوليد ، ليسلط عليهم أرعنا يذيقه مر العذاب ، حتى يترحموا على سلفه ، يعقبهم بمن هو شر منه . وفي الكوفة من الصحابة الكرام العظام ممن كان مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ولما يتكون سعيد نطفة عند أبيه المشرك . وبدأها سعيد بما يتركوا من الصحابة حينما طلب شهودا لعيد الفطر ، فيتقدم الصحابي العظيم والمجاهد الكبير هاشم بن عتبة بن أبي وقاص الذي فقد إحدى عينيه في حرب اليرموك فداء وتضحية لإعلاء كلمة الإسلام ، وهي تعد من أعظم المفاخر ، نعم تقدم هذا الصحابي ليشهد أنه رأى الهلال ، فسخر منه سعيد لأنه واحد العين ، ونسي سابقته وبسالته وتضحيته وعلمه وسنه وكل مراحل الإيمان ، وقال له مستهزئا : بعينك هذه العوراء رأيت الهلال من بين القوم ؟ فقال هاشم : تعيرني بعيني ، وإنما فقئت في سبيل الله ! وقد أفطر هاشم في بيته وغدى الناس عنده ، فبلغ سعيدا فأرسل إليه فضربه وأحرق داره . فيا للويل للخليفة ولواليه الصعلوك ، ولمن ولاه خليفة ومن ولى سلفه وسلف سلفه . فكانت هذه من المساوئ العظمى التي أهابت بالمسلمين في الشرق والغرب ، وزعزعت أركان خلافة عثمان ، وقدمت الشكاوى لعثمان ، واشتد عثمان يثيره مستشاره الفاجر ، ذلك هو مروان بن الحكم الملازم للخليفة . واتخذ بلاد الشام وابن عمه معاوية مقرا ومنفى لكل من أعياه أمره . وجاء وفد الكوفة إلى عثمان يريدون عزل سعيد ، وجاء سعيد فأبى عثمان ، وبعد توبيخهم وطردهم طلب عودة سعيد إلى مقره كأشد من السابق ، ورجع القوم قبله واحتلوا الكوفة ، ومذ قفل سعيد راجعا للكوفة منعوا سعيدا من دخوله الكوفة ، وردوه إلى عثمان ، وكانت بداية العاصفة التي أطاحت بعثمان وأدت إلى قتله .