ولولا معاوية وما دس وزور واختلق من الأحاديث ، فصنع للجناة قداسة دونها قداسة الأنبياء ، وللقديسين تشويها دونه أعمال المردة الفجرة لما وجدت انحراف الأمة وانحطاط الشريعة وخلق المذاهب ، فويل للسقيفة والشورى ومن خلقها . عبد الله بن خالد الأموي : عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية [1] ، يدنيه الخليفة ويزوجه ابنته ويأمر له بستمئة ألف درهم ، يأخذها من بيت مال المسلمين ، ولكل فرد من الوفد الذي جاء معه من مكة مئة ألف ، فلم يوافق خازن بيت مال المدينة عبد الله بن الأرقم ، ذلك الصحابي التقي ، فوبخه عثمان على امتناعه ، وقال : ما أنت إلا خازن لنا . فأجابه : كنت أحسب نفسي خازنا للمسلمين لا خازنك ، وما خازنك سوى غلامك ، والله ما أنا لك خازن ولا لأهل بيتك ، وأتى بالمفاتيح وعلقها على المنبر ، وفي قول ألقاها إلى عثمان ، فدفعها عثمان إلى ناتل مولاه ، وبعدها ولى زيد بن ثابت الأنصاري . ومن يحاسب عثمان على ما أنفق لما استلم المفاتيح ؟ ! وقيل إنه وضع على بيت المال معيقيب بن فاطمة خازنا ، وبعث إلى عبد الله بن الأرقم بثلاثمئة ألف درهم فأبى أخذها ، وقال : إن كانت من بيت مال المسلمين فلا استحق مثلها لأثاب بها ، وإن كانت من مال عثمان نفسه فإني كاره أخذها منه [2] . وترى الفرق والبون الشاسع بين الخليفة وبين الصحابي التقي الذي يأبى أن يركن للظلم ويتابع الخليفة على إجحافه الفاحش .
[1] تاريخ اليعقوبي 2 : 145 . [2] راجع أنساب البلاذري 5 : 58 ، والاستيعاب وابن حجر في الإصابة كما رواه الواقدي .