ليذكرون عليا من مهده فلا يستطيعون إلا إكباره في مراحل حياته ، ويحصون المحامد في الناس مجتمعين ولا يسعهم إلا جمعها له منفردا ، ثم تبقى له بعد هذا صفة واحدة جديرة بأن توليه عطفهم الخالص ، هي أنه مظلوم بأنداده ، محروم من تراثه الذي كان له أهلا منذ أكثر من عشرة أعوام ، وكفى بهذا الحرمان صفة تؤلف حوله قلوب أولئك الذين ذاقوا في حياتهم مر الحرمان " . فمن أذاقه هذا الحرمان وأذاق الجماعات الذين يحنون إليه ؟ وترى كيف أن الأمة بقلوبها تهفو لعلي ( عليه السلام ) وتضمر له الولاء سوى عصبة كادت لعلي وآل بيت الرسالة ، وكادت للأمة الإسلامية أن يقودها غير قائدها ويسوسها غير سائسها ، وتزل عن طريق الصواب إلى الهوة السحيقة وقدر لها أن تتمزق وتملأ نفوسها الأحقاد ، ويظل الظلم سائدا ، والإجحاف عاما ، يسود الغادر ، ويهاب الفاجر ، ويضمر صاحب الحق المبين ويزول التقي الأمين مكرها صابرا ، ويبقى رغم ذلك مناضلا ناحرا ، لا يبرح للصواب رائدا وللمؤمنين قدوة وقائدا . وهكذا جاءت الشورى العمرية بشر دائم ونفاق قائم ووبال ملازم ، وضياع للحق والحقيقة ، وانحراف عن الأمة وشذها عن الطريقة بمكيدة الرجل الطعين للأمة الإسلامية بإقصاء أولي الأمر في كتاب الله وسنة رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، وتعمده كما غصبها في حياته أن يليها بعد مماته عصبة الشر والشرك والنفاق ، كما رأينا ولا زلنا نرى ذلك جاريا . كلمة الجاحظ : قال الجاحظ في كتاب العثمانية حول الشورى التي ألفها عمر ، وفيها المتناقضات ، فهذا الذي قال إن رسول الله مات وهو راض عن هؤلاء الستة : علي وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف . ثم بدأ قوله