وأما عثمان فقد قال له عمر قبيل الشورى : كأني بك قد قلدتك قريش [1] هذا الأمر لحبها إياك فحملت بني أمية وبني أبي معيط على رقاب الناس وآثرتهم بالفئ فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحا . ووصف عبد الرحمن بن عوف قوله : لو وزن نصف إيمان المسلمين بإيمانك لرجح إيمانك به ولكن فيك ضعفا ليس يصلح هذا الأمر لمن فيه ضعف كضعفك . أما كلمته في علي ( عليه السلام ) فقد تكرر أنه لو وليها لأقامهم على الحق ، ويقول على المحجة البيضاء والصراط المستقيم ، حتى قال له ابنه عبد الله : فما يمنعك أن توليها إياه فقال : لا أريد أن أتحملها حيا وميتا . وهل تشك بعد هذا إلا أنه عهدها لعثمان رغم علمه بما ينحرف عن جادة الحق ، ويقتل . وتعال معي إلى نظر الكاتب في عمر أخيرا قوله : ولكنا نرى عهد الخليفة الطعين باديا في صورة من الامعان في تأليب العصبية كلها ضد ابن أبي طالب فلقد ضمت الشورى أيضا سعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف ، وكلا الرجلين من زهرة ، ولكليهما نسب موصول ببني أمية ، أتى الأول من ناحية أمه جمنة بنت سفيان ، وأتى الثاني من ناحية زوجه أم كلثوم بنت عقبة أخت عثمان ، فإذا علمنا هذا فماذا بقي بعده يدع لعلي ( عليه السلام ) فرصة واحدة للفوز ؟ وأي بطن من قريش ينصف قضيته ، وقريش كلها خصومه وقضاته في آن واحد ! وكذلك كانت وصية عمر بالشورى تومئ إلى الرجل المغلوب كما يومئ عهد مكتوب . وبالتالي يشير الكاتب إلى شعور جموع الناس بعلي فيقول : " وإن الكثير منهم
[1] وما يقصد بقريش سوى نفسه ، كما قالها من قبل حين غصب الخلافة من علي ( ع ) : إنما أرادت قريش ذلك .