نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 281
أقول : ما ذكره الشريف هو الصحيح وما ذكره المشهور سبب إلهي لتحقق العصمة ، فالحق أن العصمة غصن من دوحة التقوى ، وهي ملكة نفسانية راسخة في النفس ، تمنع الإنسان عن المعصية مطلقا ، فهي من سنخ التقوى لكنها درجة قصوى منها ، فالتقوى في العاديين من الناس ، كيفية نفسانية تعصم صاحبها عن اقتراف كثير من القبائح والمعاصي ، فهي إذا ترقت في مدارجها وعلت في مراتبها ، تبلغ بصاحبها درجة العصمة الكاملة والامتناع المطلق عن ارتكاب أي قبيح من الأعمال ، بل يمنعه حتى التفكير في خلاف أو معصية . عصمة الأنبياء في تلقي الوحي وإبلاغه ذهب جمهور المتكلمين من السنة والشيعة إلى عصمة الأنبياء في هذه المرحلة . والعصمة في هذه المرحلة على وجهين : أحدهما : العصمة عن الكذب ، والثاني : العصمة عن الخطأ سهوا في تلقي الوحي ووعيه وأدائه ، وما سيجئ من الدليل الأول على إثبات العصمة عن المعصية ، يثبت عصمتهم في هذا المجال ، ولأجل ذلك اكتفى به المحقق الطوسي في إثبات العصمة على الإطلاق ، فإن الوثوق التام بالأنبياء لا يحصل إلا بالإذعان البات بمصونيتهم عن الخطأ في تلقي الوحي وتحمله وأدائه ، عمدا وسهوا . أضف إلى ذلك أن تجويز الخطأ في التبليغ ولو سهوا ينافي الغرض من الرسالة ، أعني : إبلاغ أحكام الله تعالى إلى الناس . ويدل على عصمة الأنبياء في هذا المجال قوله تعالى : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا * إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا * ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم
281
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 281