نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 250
إلى تلك الغرائز مصباحا يضئ له السبيل في مسيرة الحياة ، ويفي بحاجاته التي تقصر الغرائز عن إيفائها ، وهو العقل . ومع ذلك كله فإن العقل أيضا غير كاف في إبلاغه إلى السعادة المتوخاة ، بل يحتاج إلى عامل ثالث يعينه في بلوغ تلك الغاية ، ووجه ذلك أن العقل الإنساني غير مصون عن الخطأ والزلل . ثم إن أهم ما يحتاج الإنسان إلى التعرف عليه ليكون ناجحا في الوصول إلى السعادة المطلوبة من حياته أمران : المعرفة بالله سبحانه ، والتعرف على مصالح الحياة ومفاسدها ، والمعرفة الكاملة في هذين المجالين لا تحصل للإنسان إلا في ضوء الوحي وتعاليم الأنبياء ، وأما العلوم الإنسانية فهي غير كافية فيهما . ومما يوضح قصور العلم البشري في العلوم الإلهية إن هناك الملايين من البشر يقطنون بلدان جنوب شرق آسيا على مستوى راق في الصناعات والعلوم الطبيعية ، ومع ذلك فهم في الدرجة السفلى في المعارف الإلهية ، فجلهم - إن لم يكن كلهم - عباد للأصنام والأوثان ، وببابك بلاد الهند الشاسعة وما يعتقده مئات الملايين من أهلها من قداسة وتأله في " البقر " . نعم هناك نوابغ من البشر عرفوا الحق عن طريق التفكير والتعقل كسقراط وأفلاطون وأرسطو ، ولكنهم أناس استثنائيون ، لا يعدون معيارا في البحث ، وكونهم عارفين بالتوحيد لا يكون دليلا على مقدرة الآخرين عليه . على أنه من المحتمل جدا أن يكون وقوفهم على هذه المعارف في ظل ما وصل إليهم من التعاليم السماوية عن طريق رسله سبحانه وأنبيائه ، قال صدر المتألهين : " أساطين الحكمة المعتبرة عند اليونانيين خمسة : أنباذ قلس
250
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 250