نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 237
براء منه ، بل البداء عندهم كما عرفت تغيير التقدير المشترط من الله تعالى ، بالفعل الصالح والطالح ، فلو كان هناك ظهور بعد الخفاء فهو بالنسبة إلينا لا بالنسبة إلى الله تعالى ، بل هو بالنسبة إليه إبداء ما خفي وإظهاره ، ولو أطلق عليه البداء من باب التوسع . اليهود وإنكار النسخ والبداء ثم إن المعروف من عقيدة اليهود أنهم يمنعون النسخ سواء كان في التشريع والتكوين ، أما النسخ في التشريع فقد استدلوا على امتناعه بوجوه مذكورة في كتب أصول الفقه مع الجواب عنها ، وأما النسخ في التكوين وهو تمكن الإنسان من تغيير مصيره بما يكتسبه من الأعمال بإرادته واختياره ، فقد استدلوا على امتناعه بأن قلم التقدير والقضاء إذا جرى على الأشياء في الأزل استحال أن تتعلق المشيئة بخلافه . وبعبارة أخرى : ذهبوا إلى أن الله قد فرغ من أمر النظام وجف القلم بما كان فلا يمكن لله سبحانه محو ما أثبت وتغيير ما كتب أولا . وهذا المعنى من النسخ الذي أنكرته اليهود هو بنفسه كما ترى حقيقة البداء بالمعنى الذي يعتقده الشيعة الإمامية كما عرفت ، فإنكاره من العقائد اليهودية التي تسرت إلى المجتمعات الإسلامية في بعض الفترات واكتسى ثوب العقيدة الإسلامية ، مع أن القرآن الكريم يرد على اليهود في عقيدتهم هذه ويقول : ( يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ) . ( 1 ) ويقول أيضا : ( كل يوم هو في شأن ) . ( 2 )
1 . الرعد : 39 . 2 . الرحمن : 29 .
237
نام کتاب : محاضرات في الإلهيات نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 237