الشيخين لهذا الحديث ، ويتخذون عدم إخراجهما للحديث ذريعة للطعن في ذلك الحديث الذي ليس في صالحهم . أذكر لكم مثالا واحدا ، وهو حديث : " ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة " ، هذا الحديث بهذا اللفظ غير موجود في الصحيحين ، لكنه موجود في السنن الأربعة ، يقول ابن تيمية في مقام الرد على هذا الحديث [1] : الحديث ليس في الصحيحين ولكن قد أورده أهل السنن ورووه في المسانيد كالإمام أحمد وغيره . ومع ذلك لا يوافق على هذا الحديث متذرعا بعدم وجوده في الصحيحين . إلا أن الملفت للنظر لكل باحث منصف ، أنهم في نفس الوقت الذي يؤكدون على قطعية صدور أحاديث الصحيحين ، ويتخذون إخراج الشيخين للحديث أو عدم إخراجهما للحديث دليلا وذريعة ووسيلة لرد حديث أو قبوله ، في نفس الوقت إذا رأوا في الصحيحين حديثا في صالح الإمامية يخطئونه ويردونه وبكل جرأة . ولذا لو راجعتم إلى كتاب التحفة الاثنا عشرية [2] لوجدتم صاحب التحفة يبطل حديث هجر فاطمة الزهراء أبا بكر وأنها لم تكلمه إلى أن ماتت ، يبطل هذا الحديث ويرده مع وجوده في الصحيحين . وينقل القسطلاني في إرشاد الساري في شرح البخاري [3] ، وأيضا ابن حجر المكي في كتاب الصواعق [4] ، ينقلان عن البيهقي أنه ضعف حديث الزهري الدال على أن عليا ( عليه السلام ) لم يبايع أبا بكر مدة ستة أشهر ، فالبيهقي يضعف هذا الحديث ويحكي غيره كالقسطلاني وابن حجر هذا التضعيف في كتابه ، مع أن هذا الحديث موجود في الصحيحين .
[1] منهاج السنة 3 / 456 . [2] التحفة الاثنا عشرية : 278 . [3] إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري 6 / 363 . [4] الصواعق المحرقة : 90 .