وقد رأيتم أن الحافظ أبا الفرج ابن الجوزي الحنبلي أدرج حديث الثقلين في كتابه العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ، مع وجود حديث الثقلين في صحيح مسلم ، ومن هنا اعترض عليه غير واحد . فيظهر : أن القضية تدور مدار مصالحهم ، فمتى ما رأوا الحديث في صالحهم وأنه ينفعهم في مذاهبهم ، اعتمدوا عليه واستندوا إلى وجوده في الصحيحين ، ومتى كان الحديث يضرهم ويهدم أساسا من أسس مذهبهم ومدرستهم ، أبطلوا ذلك الحديث أو ضعفوه مع وجوده في الصحيحين أو أحدهما ، وهذا ليس بصحيح ، وليس من دأب أهل العلم وأهل الفضل ، وليس من دأب أصحاب الفكر وأصحاب العقيدة الذين يبنون فكرهم وعقيدتهم على أسس متينة يلتزمون بها ويلتزمون بلوازمها . وعندما نصل إلى محاولات القوم في رد حديث المنزلة أو المناقشة في سنده ، سنرى أن عدة منهم يناقشون في سند هذا الحديث أو يضعفونه بصراحة ، مع وجوده في الصحيحين ، فأين راحت قطعية صدور أحاديث الصحيحين ؟ وما المقصود من الإصرار على هذه القطعية ؟ ونحن أيضا لا نعتقد بقطعية صدور أحاديث الصحيحين ، ونحن أيضا لا نعتقد بوجود كتاب صحيح من أوله إلى آخره سوى القرآن الكريم . لكن بحثنا معهم ، وإنما نتكلم معهم على ضوء ما يقولون وعلى أساس ما به يصرحون . فإذا جاء دور البحث عن سند حديث المنزلة سترون أن عدة منهم من علماء الأصول ومن علماء الكلام يناقشون في سند حديث المنزلة ولا يسلمون بصحته ، فيظهر أنه ليس هناك قاعدة يلجأون إليها دائما ويلتزمون بها دائما ، وإنما هي أهواء يرتبونها بعنوان قواعد ، يذكرونها بعنوان أسس ، فيطبقونها متى ما شاؤوا ويتركونها متى ما شاؤوا . ولا بأس بذكر عدة من ألفاظ حديث المنزلة في غير الصحيحين من الكتب المعروفة المشهورة ، وفي كل لفظ أذكره توجد خصوصية أرجو أن لا تفوت عليكم ، وأرجو أن