قال : فتعال حتى أدّعي أنا و أنت شيئا ، ثمّ نساهم عليه ، و ننظر هكذا هو ؟ فقال زرارة : إنّما جاء الحديث بأنّه ليس من قوم فوّضوا أمرهم إلى الله ثمّ اقترعوا إلَّا خرج سهم المحقّ ، فأمّا على التجارب فلم يوضع على التجارب . فقال الطيار : أ رأيت إن كانا جميعا مدّعيين ادّعيا ما ليس لهما من أين يخرج سهم أحدهما ؟ فقال زرارة : إذا كان كذلك جعل معه سهم مبيح ، فإن كانا ادّعيا ما ليس لهما خرج سهم المبيح « [1] . فتلخّص ممّا ذكرنا ثبوت طريقيّة مؤدّى الاستخارة و القرعة في الجملة . و أمّا استحالة تخلَّف مؤدّاها عن الواقع أحيانا كما هو أحد الوجوه ، بل الأقوال ، فلا دلالة عليه في شيء ممّا ذكر ، و لا فيما استدلّ عليه مدّعيه : من أنّ الاستخارة استرشاد ، و استشارة للخير من الله تعالى ، و كما أنّ نصح المستشير و إرشاد المسترشد واجب على الناس ، فعلى الله بالأولويّة القطعيّة ، و بأنّه كما أنّ بعث الرسل و إنزال الكتب واجب على الله عقلا بقاعدة اللطف ، كذلك الارشاد إلى المصلحة واجب عليه بتلك القاعدة ، و بأنّه كما أنّ إرشاد الناس إلى المصالح الدينيّة الراجعة إلى المعاد واجب على الله كنصب الرسل و إنزال الكتب ، كذلك إرشادهم إلى المصالح و المفاسد الدنيويّة الراجعة إلى المعاش واجب عليه ، و بأنّ تخلَّف الاستخارة عن تلك المصلحة الواقعيّة يستلزم الاغراء المحال على الله تعالى بعد فرض الأمر بها و تفويت المصلحة عن العبد . إلى غير ذلك ممّا يقصر دلالته عن إثبات مدّعاه جدّا ، كما لا يخفى .