فصّلناها في رسالتنا الإنذاريّة لإنذار العوام . و هل حال هؤلاء العلماء إلَّا كحال من وصفه الله تعالى بقوله * ( إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ ) * [1] بالرشاء و تخفيف الشرائع ، و على عكس ما قال الله * ( لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) * [2] ، ثمّ انّ هذا كلَّه في تشخيص محلّ النزاع من الدنيا المذمومة و حبّها . و أمّا ثمرته فيظهر في عشق المحبّ للدنيا في العاجل ، و استحقاقه العقاب عليه في الآجل بمجرّد حبّه للإضرار أو لكونه من الكبائر الموعود عليه النار على القول بحرمته نفسيا ، و عدم العشق و استحقاق العقاب بمجرّده على القول بالعدم . و أمّا منشأ النزاع فأحد وجوه على سبيل منع الخلو : منها : عدم تشخيص محلّ النزاع و زعم المنكر حرمته النفسيّة انّ مراد مثبتيّة حرمة حبّه مطلقا من جميع الجهات و في جميع الموارد و المراتب ، و قد عرفت اختصاصه ببعض جهاته و موارده و مراتبه لا كلَّها ، و زعم المثبت وجوبه شمول محلّ النزاع لما هو طاعة أو مقدّمة للطاعة ، و قد عرفت خروج هذا القسم منه و اختصاص النزاع بما عداه . و منها : توهّم انّ حبّ الدنيا في غير المعصوم من الذاتيّات التي لا تتغيّر ، سيّما في مثل المسرفين ، و أبناء الملوك ، و السلاطين الناشئين في لذائذ الدنيا و زخارفها ، فتكليفهم بالخروج عن حبّ ما نشئوا فيه خلفا عن سلف ، و أبا عن