جدّ ، من قبيل التكليف بما لا يطاق عادة المستحيل عقلا . و فيه نقضا بأنّ تكليفهم بالخروج عن ذلك الحبّ ليس بأصعب من تكليفهم بالخروج عن دين الآباء و الامّهات ، و مهاجرة الأحباب و الأوطان ، و المجاهدة معهم بإراقة الدماء ، و مع النفس بإزالة أخلاقها الرذيلة الفطريّة الجبليّة ، من الجبن و البخل و الحسد و سوء الخلق و تبديلها بالضدّ ، و حلَّا بأنّ الذاتي الذي لا يتغيّر إنّما هو الذاتي التكويني ، كقبح المنظر و حسنه ، و أمّا الذاتي التكليفي كما نحن فيه ، فتتغيّر غايته بالتحصيل لا الحصول ، و يطاق التكليف بإزالته و تبديله بالضدّ غايته بالمجاهدة و التدريج شيئا فشيئا لا بالفور دفعة ، فكما انّ معالجة الجبن يحصل بمزاولة الامور المهوّلة ، و الاقتحام في الأمكنة المخوّفة و إن صعب عليه ذلك في المرّة الاولى إلَّا انّه يسهل عليه في الثانية و الثالثة شيئا فشيئا إلى أن يتبدّل جنبه الذاتي بملكة الشجاعة ، و هكذا معالجة البخل و الوسوسة و الحسد و سوء الخلق ، فكذا معالجة حبّ الدنيا و سائر الأخلاق الرذيلة الجبليّة يحصل بمزاولة أضدادها و ملاحظة المعقول و المنقول من مضارّها ، و إن صعب عليه ذلك في المرّة الاولى إلَّا انّه يسهل عليه في الثانية و الثالثة شيئا فشيئا إلى أن يصير الضدّ له خلقا و طبيعة ثانية حسب ما فصّل في علم الأخلاق . و منها : ما زعمه بعض الأصحاب تبعا لأستادنا الرّوحاني الفاضل الهمداني دام ظله من استلزام حرمته النفسيّة فسق ما عدا المعصوم من جلّ الناس ، بل كلَّهم ، و اللازم باطل ، فالملزوم مثله . بيان الملازمة انّ حبّ الدنيا من المال و الجاه و العزّ ، و الرئاسة و السلطنة ، و النساء و البنين و القناطير المقنطرة ، ممّا لا ينفكّ عنه جلّ الناس ، بل كلَّهم .