النبي صلَّى الله عليه و آله اذا صلَّى قائم على أصابع رجليه حتى تورّمت و اصفر وجهه ، و يقوم الليل حتى خوطب بقوله تعالى * ( طه ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى ) * [1] و كان يؤثر على نفسه حتى نزل * ( وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً ) * [2] و من سننه المستمرة في أوصيائه انّه لم يأكل الحنطة قط ، و ما شبع من الشعير قط ، فافهم و استقم و تدبر و اعتبر جدا . و منها : قوله تعالى * ( فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ ) * [3] الآية ، تأويله : لأنّهما بأكل زاد الدنيا و سفر الهبوط إلى السفلى استحكم فيهما القوى البشرية و الصلابة الجسمية ، فنزع عنهما قهرا لطافة الروحانية و ألبسة الجنانية ، كنزع لباس الحضر لمريد السفر ، و الصيف في الشتاء ، و لباس الزينة لمريد الاستحمام بالحمام . و منها : الخروج من الجنة و الهبوط إلى الارض في قوله تعالى * ( وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ) * [4] و قوله تعالى * ( يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما ) * [5] تأويله انّه ليس من باب الاهانة ، بل من باب ترجيح المصلحة الكليّة النوعية في الخروج على الراحة الجزئية الشخصية في البقاء ، و الخروج عن ساحة قدس الجنان مقدمة التوصل إلى اخراج العدوّ الخبيث المخبث الشيطان عن قرب حضرة الرحمن ، كالخروج من