تزوجها لكي لا يكون على أمته حرج في تزويج المتوفى عنها زوجها ، و كان هو أوّل من تزوج بالمتوفّى عنها زوجها بهذا الامر الامتحاني ، و كانت المرأة قبله تقعد بعد فوت زوجها حتى تموت . كما ان النبي صلى الله عليه و آله و سلم امتحن بالإيثار على نفسه تزويج زيد ما اهدى اليه النجاشي [1] مع علمه صلى الله عليه و آله و سلم بأنّها مقدّرة له في عداد زوجاته بقوله تعالى * ( فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْواجِ أَدْعِيائِهِمْ إِذا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً ) * [2] و هذا الأمر المقدر الذي كان يعلمه النبي صلى الله عليه و آله و سلم هو المراد مما كان يخفيه النبي صلى الله عليه و آله و سلم بقوله تعالى * ( وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيه وَتَخْشَى النَّاسَ وَالله أَحَقُّ أَنْ تَخْشاه ) * [3] لا ما اتهموه و افتروا به على النبي صلى الله عليه و آله و سلم من انّه هوى امرأة زيد و كان يخفي في نفسه خوفا من ان يعيبوه ، فأنزل الله تعالى في تنزيهه * ( ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ الله لَه سُنَّةَ الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ الله قَدَراً مَقْدُوراً ) * [4] و لهذا قيل فيه صلى الله عليه و آله و سلم : و الله لو كان يخفي شيئا لأخفى هذه الآية . و عن البيضاوي [5] و المجمع [6] في قصة داود عليه السّلام تأويلات اخر بعيدة عن ساحة قرب الانبياء و تنزيههم .
[1] لا يخفى أنّ زوجة زيد بن حارثة هي زينب بنت جحش و هي بنت عمّة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم . و ليست من إهداء النجاشي ، انظر : تنزيه الأنبياء : 110 . [2] الأحزاب : 37 . [3] الأحزاب : 37 . [4] الأحزاب : 38 . [5] تفسير البيضاوي : 5 / 43 . [6] تفسير مجمع البيان : 8 / 353 - 354 .