من بكاء آدم عليه السّلام و يعقوب عليه السّلام و يوسف عليه السّلام و الصّديقة و السجاد [1] و سائر المعصومين على فراق البنين و الارحام و بعض المصائب و الالام ، بأشدّ ما يخرج عن العادة البشرية ، و الطاقة الانسانية ، و الوقوع في الهلاك و التهلكة المنهية ، و شوائب العلقة بما سوى الله من حب الدنيا الدنيّة ، و عدم التسليم و الرضا بالقضاء و القدر . و حلّ هذا الاشكال : ان قرائن الاحوال تصرف كل فعل من الافعال إلى ما يقتضيه الحال و مدلول كل دال ، كما ان محكمات المقال هي المرجع و المآل في متشابه الاقوال ، فكثرة البكاء و شدة الجزع و العناء في مثل الانبياء على خلاف ما في غيرهم من حيث القضاء و الاقتضاء ، ففي غيرهم بمقتضى القوى الحيوانية ، ليس الَّا لشدة العلاقة الدنيّة الحيوانية المنهيّة ، و المؤانسة السنخيّة الجنسيّة ، و العلاقة النفسية من حيث هي هي ، و أما في حقهم فبمقتضى القوى الروحانيّة ، و الأوصاف الإلهيّة ، و الذوات الملكية ليس إلَّا لشدة العلائق الروحانية ، و الروابط الاتصالية ، و الجهات التوصلية إلى العوالم القدسية ، و الارواح النورانية ، و العادات الأبديّة ، و النعم الأزليّة ، و الصفات الكماليّة ، و الأوصاف الجلاليّة ، و الميل إلى عالم البقاء و اللقاء ، و الصفيح الأعلى ، و مقتضيات الوفاء ، و مراتب التسليم و الرضا بالقدرة و القضاء ، كما هو المنصوص في المنصوص ، انّه « لو لا الآجال التي كتبت عليهم لفارقت أرواحهم أبدانهم » [2] و ان كل جنس يميل إلى جنسيه . أ لا ترى الفيل يألف الفيلان ، كما ان كل شيء يرجع إلى اصله ، و كل جسم يميل إلى مركزه ،