و كذا يستفاد من أحوال يونس بن عبد الرحمن الذي هو من أصحاب الاجماع و المحدثين الأربعة الذين لم ينقل علم الائمة إلَّا إليهم ، و مع ذلك كان يجلس بالباب و يحدّث عمّن يدخل على الصادقين و هو لا يدخل خوفا من عدم الإذن الخاص ، و لأجل ذلك كان ديدن أصحابنا المحدثين على الاستجازة و الاجازة في الرواية تيمّنا بسلسلة الاتصال باجازة المعصوم و رخصته ، فإن الامام طبيب الأديان ، فكما انّ الدواء المصلح لمرض خاص و شخص خاص و زمان خاص و مكان خاص يكون مفسدا به شخص آخر ، كذلك إظهار الحق الواقعي المصلح به شخص خاص قد يكون مفسدا به شخص آخر و زمان آخر و مكان آخر فكما يجب إظهاره على من يصلحه كذلك يحب إخفاؤه على من يفسده ، كما يشهد عليه قوله عليه السّلام : « لا تعلَّموا العلم لغير أهله فتظلموا ، و لا تمنعوه عن أهله فتظلموه » [1] أ لا ترى اتفاق النصوص و الفتاوى على حرمة بيع السلاح على الاعداء ، و حرمة بيع العنب على عاصره خمرا ؟
أ لا ترى ان المخالفين ائتمنوا على كتاب الله فحرّفوه ، و على احكامه فغيّروها ، و على مراتب خلفائه فغصبوها ؟ و ان قاضي القضاة يصلح مفاسد قومه ، أحرق عثمان في يوم واحد سبعمائة مصحف و لم ينكر عليه أحد من الصحابة بقول قلت : كما احرق النبي صلى الله عليه و آله و سلم مسجد ضرار ، و اصلاح مفاسد تخلَّفهم عن جيش اسامة بتخلف علي عليه السّلام من محو اسم النبي صلى الله عليه و آله و سلم من الرسالة في صلح الحديبية ، و اصلاح مفاسد حروب معاوية مع علي عليه السّلام ، و حروب يزيد مع

[1] معاني الاخبار : 196 ح 2 ، أمالي الصدوق : 343 ح 17 . و فيهما : « الحكمة » بدل « العلم »

413