نام کتاب : قواعد المرام في علم الكلام نویسنده : ابن ميثم البحراني جلد : 1 صفحه : 146
( أحدهما ) لو لم يكن الحشر والنشر حقا لبطل الثواب والعقاب المستحقان بالطاعة والمعصية والاحسان والإساءة ، لكن اللازم باطل فالملزوم كذلك . بيان الملازمة : إنا نرى المطيع والعاصي يدركهما الموت من غير أن يصل إلى أحد منهما ما يستحقه من ثواب أو عقاب ، فإن لم يحشرا ليوصل إليهما ذلك المستحق لزم بطلانه أصلا . وأما بطلان اللازم : فلأن ذلك ظلم وتبعة لا يجوز أن على الصانع الحكيم ، وقد أكد الله تعالى هذه الحجة بآيات من القرآن ، كقوله تعالى " إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى " [1] وقوله تعالى " وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا " إلى قوله " كالفجار " [2] . ( الثاني ) أن يقال : إنه تعالى خلق الخلق إما للراحة أو للتعب والألم أو لا لواحد منهما ، والثاني باطل لقبحه وامتناعه من الغني الحكيم الرحيم ، والثالث باطل لكونه سفها وعبثا يمتنع من الحكيم أيضا ، فبقي أن يقال إنما خلقهم للراحة وهي إما أن تصل إليهم في الدنيا ، وهو باطل لأن كل ما يعتقد في الدنيا لذة فإنما هو دفع للألم ، كالذي يظن من لذة الأكل فإنما هو دفع ألم الجوع ، فلذلك فإنما ألذ لقمة تؤكل هي الأولى لشدة ألم الجوع هناك ، وكل لقمة تأخرت فهي أقل لذة لضعف ألم الجوع هناك ، وكذلك سائر اللذات الحاصلة في هذا العالم . وبتقدير أن يحصل في هذا العالم لذة فإنها قليلة والغالب إما الآلام أو دفعها ، وليس من الحكمة تعذيب الحيوان بنيران الآلام والمكروهات لأجل الفوز بذرة من اللذات ، فإذن ليس المقصود من خلق الإنسان إيصال الراحة إليه في