نام کتاب : في ظلال التوحيد نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 94
3 - كونهم خير القرون وذلك لتمسكهم بأهداف الدين في مقام العمل وتطبيق الشريعة . وأي واحد أريد من هذه الملاكات ، فالقرآن والسنة والتاريخ القطعي لا يدعمه بل يكذبه ، وإليك البيان : فإن كان الملاك هو العقائد الصحيحة والباطلة ، وأن المسلمين كانوا متمسكين جملة واحدة بمعتقد واحد صحيح في القرون الثلاثة الأولى ثم ظهرت رؤوس الشياطين ، ودبت فيهم المناهج الكلامية الفاسدة ، - فإن كان الملاك هذا - فتاريخ الملل والنحل لا يؤيد ذلك بل ويكذبه ، فإن الخوارج ظهروا بين الثلاثين والأربعين من القرن الأول ، وكانت لهم ادعاءات وشبهات وعقائد سخيفة خضبوا في طريقها وجه الأرض ، ولم يتم القرن الأول إلا وظهرت المرجئة ، الذين دعوا المجتمع الإسلامي إلى التحلل الأخلاقي ، رافعين عقيرتهم بأنه لا تضر مع الإيمان معصية ، فقد ضلوا وأضلوا كثيرا حتى دب الإرجاء بين المحدثين وغيرهم في القرن الثاني ، وقد ذكر أسماءهم جلال الدين السيوطي في تدريب الراوي [1] . حيث كان الإرجاء يقود المجتمع الإسلامي إلى التحلل الأخلاقي ، والفوضى في جانب العمل . إلى أن ظهرت المعتزلة في أوائل القرن الثاني عام 105 ه قبل وفاة الحسن البصري بقليل ، فتوسع الشقاق بين المسلمين ، وانقسموا إلى فرق كثيرة ، حيث كان النزاع قائما على قدم وساق منذ أن ظهر الاعتزال على يد واصل بن عطاء حتى أواسط القرن الخامس الذي قضي فيه على هذه الفرقة . وأما القرن الثاني فكان عصر ازدهار المذاهب الكلامية ، وكانت الأمصار ميدانا لتضارب الأفكار . فمنهم متزمت يقتصر في وصفه الله سبحانه على الألفاظ الواردة في الكتاب